;

الانتخابات الأمريكية والرهانات الخاسرة..!! 618

2008-11-06 03:10:39

طه العامري

من السذاجة بمكان الرهان على نتائج الانتخابات الأمريكية باعتبارها المفتاح السحري الذي بنتائجه سوف تختفي الأزمات وتحل كل مشاكل العرب والشرق الأوسط , فالرهان على المرشح الجمهوري أو المرشح الديمقراطي هو رهان على _سراب_ فكلا المرشحين يعملان وفق أجندة مؤسساتية ثابتة تراعي فيها مصلحة أمريكا ومصلحة القيم التي تمثلها سوى اتفقنا أو اختلفنا مع هذه المصالح الأمر لا يختلف و الاختلاف أو الاتفاق مع القادم للبيت الأبيض لا يغير ولا يعدل في مضمون الأجندة الإستراتيجية الثابتة التي تقوم عليها السياسة الخارجية الأمريكية ..!!

فالمرشح الجمهوري _جون ماكين _ ملتزم بسياسة حزبه حيث يسيطر عليها ويرسم معالمها ويحدد مسارها وتوجهاتها تيار _المحافظين الجدد_ وهو الغالب بحضوره داخل مكونات الحزب _الجمهوري_ رغم ما يقال عن الإدارة المؤسسية الراسخة في أمريكا إلا أن لهذه الإدارة المؤسسية ما يطوعها ويوجهها اتساقا مع رغبة وتطلعات وحسابات الصقور النافذة في الهرم السياسي الأمريكي وهم الذين يعبرون ويجسدون رغبات وتطلعات الكارتل الاقتصادي ولوبي القوة الاقتصادية المسيطر والمتحكم بكل التوجهات السياسية الأمريكية داخليا وخارجيا ..بالمقابل هناك المرشح الديمقراطي _ بارك أوباما_ وهذا الأخير وبرغم كل فرص الفوز البادية من خلال المسار الانتخابي وتحليلات جازمة بفرصة أول مرشح أسود للرئاسة الأمريكية وربما يصل للبيت الأبيض كسابقة تاريخية ولكن لهذه السابقة ما يبررها , ومع هذا فأن المرشح الديمقراطي يواجه بدوره كارتل الليبراليين الجدد داخل الحزب الديمقراطي وهولا لا يقلون تطرفا عن أقرانهم _المحافظين الجدد_ داخل الحزب الجمهوري إلا من حيث الطرق والآليات التي تصلهم جميعا نحو أهدافهم الإستراتيجية وفيما يرى الجمهوريين وفيه المحافظين الجدد ضرورة فرض هيبة ومكانة ودور _أمريكا_ بكل وسائل القوة وأدواتها بما فيها القوة العسكرية , فأن _الحزب الديمقراطي وفيه _الليبراليين الجدد_ الذين يروا أن بالإمكان فرض هيبة _أمريكا_ ودورها ومكانتها والحفاظ على أهدافها الإستراتيجية دون استخدام القوة العسكرية بل هناك وسائل أخرى بديلة ومتاحة قادرة على تحقيق تطلعات أمريكا والحفاظ على مصالحها دون الإفراط في استخدام القوة أو تحمل تبعات التحرك العسكري ماديا ودفع تكاليف باهظة ترهق كاهل دافعي الضرائب الأمريكيين وتحمل الميزانية الأمريكية والاقتصاد الأمريكي مبالغ كبيرة , ويراهن الديمقراطيين على قوة الدبلوماسية والدور الذي تقوم به أجهزة المخابرات وكذا دور الضغوطات المتعددة وبالتالي يعمل الديمقراطيين ربما في ( السر) ما يفوق كثيرا ما يعمله الجمهوريين في ( العلن) ..!!

بيد أن ثمة حقيقة راسخة يمكنا من خلالها إدراك دوافع ونوايا كل المرشحين الأمريكيين وقراءة ما يمكن لكل مرشح تقديمه والقيام به وهذا متاح من خلال قراءة موقف هولا المرشحين من _الكيان الصهيوني_ وطالما أن هذا الكيان هو كيان مقدس وثابت وراسخ وكما هو _حائط المبكى_ كعبة إليها حج _أوباما _ وصلى وتبتل , وإلي ذات الحائط حج _ماكين_ وأبتهل فأن الولاء الذي يبديه رؤساء _ أمريكا_ لهذا ( الحائط) وأقصد به ( حائط المبكى) أو (حائط البراق) كما هو أسمه , أقول طالما كل رئيس وقبل خوض معركته الانتخابية يقوم برحلة _حج _ إلى هذا الحائط فأن السياسة الأمريكية ثابتة وبالتالي ليس هناك فرق بين المرشح الجمهوري والمرشح الديمقراطي وبالتالي من السذاجة الرهان على نتائج معروفة سلفا ونتائجها محسومة ..!!

لكن ثمة إيجابية لوصول _أوباما _ للبيت الأبيض أن سلم من القتل ..

لكل ما سلف فأن وصول _أوباما_ للبيت الأبيض فعل يخدم أمريكا ويحسن صورتها ويجملها بعد البشاعة التي طالتها خلال السنوات المنصرمة التي حولت بلاد الحرية والرأسمالية وعاصمة العالم الحر إلى بلاد استثنائية في قوانينها وأحكامها ودورها وديمقراطيتها وقوانينها , ليلحقها على ضوء كل هذا الكثير من التشوهات ليس من السهل أزالته بسهولة أو محوه من الذاكرة الإنسانية ببساطه ولكن أن وصل _أوباما_ فأن لوصوله ما يخفف من بشاعة الصورة الأمريكية التي لطختها أيادي المحافظين الجدد خلال السنوات الثمان الماضية ..!!

وعليه فأن الرهان على أيا من المرشحين هو فعل من جهالة وهو شكل من أشكال الاستمناء والتوهم ليس إلا لأن السياسة الأمريكية قد تتغير وتصبح متزنة ومحترمة وتجسد سلوكا حضاريا راقيا تعبر بهاء عن نزوع حضاري متقدم مسكون بكل القيم الأخلاقية والإنسانية , ولكن هذا سيكون حين لا نرى مرشحا رئاسيا أمريكيا يحج إلى ( حائط المبكى) ويقدس جدار تحولت قداسته إلى عنوان لامتهان كرامة أمة ومصادرة حقوقها , وحين نجد مرشحا أمريكيا يصل البيت الأبيض دون أن يعرج مسبقا إلى (حائط المبكى) حينها بالإمكان الحديث عن متغيرات في السياسة الأمريكية ..

لكن يظل نجاح المرشح الديمقراطي في الانتخابات _بارك أوباما_ يمثل منعطفا تاريخيا في مسار أمريكا الأرض والشعب والوجود والفعل والقدرات والرسالة الحضارية , ليس لأن هذا الوصول لأول رئيس أسود يتمكن وبجدارة من دخول البيت الأبيض ,بل زد عليه الحال الذي بلغته صورة أمريكا ومكانتها وأوضاعها وقدراتها وقيمها خلال السنوات الثمان من حكم بوش وهي السنوات التي جعلت الكثير من عشاق الحزب الجمهوري يغيرون رؤيتهم بهذا الحزب ويتجهون لمساعدة الحزب الديمقراطي واختاروا (أوباما) للرئاسة بحثا عن التغيير وهروبا من سياسة التطرف الجمهورية التي جعلت العالم مسرحا مفتوحا لحرب مفتوحة لا نهاية لهاء ..<

ameritaha@gmail.com 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبدالملك المقرمي

2024-11-29 03:22:14

نوفمبر المتجدد

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد