;

أوباما يطأ سجادة البيت الأبيض بقدميه 695

2008-11-11 03:26:41

عبدالمجيد السامعي  

هل أرادت أميركا أن تتغير فعلاً؟

هل كانت قراءة أوباما لنفسية الأميركيين صحيحة ودقيقة حين اختار شعار التغيير؟

هل نستطيع أن نجيب "بنعم" على السؤالين السابقين؟

وإذا لم تكن الإجابة كذلك كيف يمكن تفسير ما حدث صباح يوم الأربعاء 5 نوفمبر 2008م؟ وهو شيء لم يكن أحد يستطيع الجزم بحدوثه والرهان عليه إلى اللحظة الأخيرة وهنا لا نعني بمجرد فوز أوباما، بل فوزه الكاسح السريع الذي تحقق بشكل أسطوري، حين تخطى حاجز الأغلبية المريحة قبل ظهور نتائج ولاية الساحل الغربي ليحقق بذلك فوزاً كاسحاً، وحين ذهب إلى صناديق الاقتراع أكبر عدد من الشعب الأميركي ليدفع بباراك أوباما إلى البيت الأبيض وليتمكن الديمقراطيون من تعزيز أغلبيتهم في مجلس الشيوخ والنواب على حساب الجمهوريين:

كيف يمكن تفسير هذا الحماس الشديد لمرشح رئاسي من أصول أفريقية بينما كان أمثاله يمنعون مع الكلاب من دخول الأماكن العامة، أو حتى الجلوس في مقاعد الحافلات؟

لعل هذا هو ما أدرك الشعب الأميركي أن عليه فعله ليس التغيير فقط، بل التغيير الذي لم يتوقعه أحد، بعد أن مرغت فترة التوريث سمعة أميركا في الوحل، وجعلتها أسوء نموذج للفوضى والعشوائية والغروب والكذب وابتزاز الشعوب، وتحويل العالم إلى ساحات دمار، لقد كانت مرحلة آل بوش كارثة على العالم بما فيه أميركا نفسها، وحين اقترب بوش الصغير من موعد خروجه من البيت الأبيض لم يفوت الفرصة دون أن جعل فترته تنهى بأكبر كارثة مالية تعصف بأميركا، وتهز معها كل دول العالم، كان لا بد من التغيير بأي شكل، وكان لا بد لشعب أميركا أن يستفيق من الوهم الكبير الذي أحاطته به إدارته خلال الحقبة الماضية، كان لازماً عليه أن يدرك أن العالم لم يعد يعتبر أميركا بلد التعايش والفرص والتسامح وبناء الحضارة الإنسانية على أساس العدل والسلام الاجتماعي بينما هي تكرس نماذج حكم العصابات والمرتزقة وتحاول إعادة العالم إلى بدائياته، وإذا كان شعار التغيير قد تحول إلى حقيقة في هذه الانتخابات فإنه بداية لتغيير كما قال أوباما بعد إعلان فوزه: إنها الفرصة الحقيقية لأميركا لكي تثبت صدق رغبتها في التغيير، وإذا لم يحدث التغيير فإنها تؤسس لأكبر خدمة في تاريخها لم تستطع ظمان النجاة من عواقبها.

قبل أربعين عاماً قتل داعية الحقوق المدنية الأسود "مارتن لوثر كينج" فيما كان يحلم بوطن تسوده المساواة بين البيض والزنوج، كان كنج يحلم بحق السود في مشاركة البيض نفس حافلات النقل الجماعي، ربما لم يحلم لتبهره بقيم التسامح العرقي والديني ليفوز رئيس أسود من أصول أفريقية تعود إلى أب كيني مسلم بمنصب رئيس أقوى دولة في العالم الذين راهنو على ضآلة فرص أوباما في الفوز كانوا في الحقيقة يراهنون على غلبة الروح العنصرية بين الأميركيين البيض وعلى مخاوفهم من مرشح رئاسي أسود لخلفية مسلمة على راح بعضهم يروج لما عرف في أميركا باسم عامل برادلي متعللاً بأن البيض لا يبوحون بحقيقة مواقفهم في استطلاعات الرأي تجنباً لشبهة العنصرية لكنهم ما أن يصبحوا وحدهم أمام صناديق الاقتراع حتى تفيض عنصريتهم على بطاقات الاقتراع.

فوز أوباما تجليات التغيير وهو بالطبع بداية قوية لتغييرات أخرى نظن أنها حتماً ستأتي بحكم قوة الدفع المستمرة من طبيعة التغيير الكبير في البيت الأبيض من جهة، وبحكم قدرة الولايات المتحدة على نقل عدوى التغيير إلى كافة إرجاء الأرض، لكن على نزيل البيت الأبيض الذي تتعلق به آمال العالم في اللحظة الراهنة أعباء تنوء بحملها الجبال، فالرجل يدخل البيت الأبيض بعدما أنجز سلفه بنجاح مهمته تحويل العالم إلى صالة معروضات خريفية اجتاحها فيل هائج فأطاح بكل ما فيها وغادرها متهادياً فوق أنقاضها، وأولى مهام أوباما أن يزيل الأنقاض المتهدمة من شارع المال "وول ستريت" وأن يعيد سياسة بلاده في العراق وأفغانستان وباكستان والسودان والصومال والشرق الأوسط والأقصى، فسلفه المغادر لم يدع مكاناً في العالم دون أن يبث فيه بعض الفوضى غير البناءة.

أظن أن أميركا برهنت على أن ديمقراطيتها وقيم التسامح لديها هما المصدر الحقيقي لقوتها، وإنها قادرة على استعادة زمام القيادة بالعودة إلى قوة المبادئ بدلاً من قوة راجمات الصواريخ، لتعود مصدر الهام لسكان الأرض قاطبة، فيما يتيح نشر روح التسامح وإعلان قيم المساواة بين بني البشر: فوز باراك حسين أوباما علامة مضيئة في تاريخ الأميركيين وشهادة ميلاد جديدة لأميركا ومصدر إلهام جديد لكافة شعوب الأرض بمجرد وطء أوباما لسجادة البيت الأبيض بقدميه.<

Mohamed 200731 @ hotmail.com 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبدالملك المقرمي

2024-11-29 03:22:14

نوفمبر المتجدد

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد