ممدوح طه
في ظل الأزمات الطاحنة التي تمر بها الولايات المتحدة الأميركية يقف العديد من شعوب العالم، وخاصة العالم الإسلامي موقف الشماتة وربما الفرحة لما يحدث لهذه الدولة العملاقة المتجبرة نتيجة سياساتها العدوانية والمنحازة دائما ضد الحق والعدل.
وقد ظهر مؤخرا تقريرا مهما في الولايات المتحدة حول علاقات أميركا بالعالم الإسلامي، شارك في إعداده أكبر مراكز الأبحاث تحت عنوان «مشروع التعامل الأميركي الإسلامي»، ويخلص التقرير إلى إدانة السياسة الأميركية والإعلام الأميركي في توجهه نحو الإسلام والمسلمين.
يأتي هذا التقرير ليجيب على السؤال الذي كان متداولا هناك وهو لماذا يكرهوننا؟.
أفعالهم العدوانية بغير أدلة أو بأدلة مدعاة ومفبركة ضد أفغانستان والعراق، واستمرار السياسة الحمقاء المهددة بالقوة العسكرية ضد دول عربية وإسلامية أخرى مثل سوريا وإيران والسودان، وذلك لسوء تشخيصهم للواقع وسوء معرفتهم للأسباب وادعائهم الكاذب بأنه حقد الشرق على الغرب أو الجنوب على الشمال .
وغياب الديمقراطية وحقوق الإنسان لدى العرب والمسلمين، وخطأ اتهاماتهم للشرق أوسطيين عموماً وللعرب باعتبارهم متطرفين ومتخلفين وهمجيين، وتطاول البعض منهم على الإسلام مدعيا أنه هو مصدر الإرهاب والتطرف وأنه دين يحض على كراهية الآخر.
لقد أخطأوا في التوصل إلى الإجابة عن سؤالهم «لماذا يكرهوننا» لأنهم تجاهلوا عدوانهم وظلمهم واستغلالهم لشعوب الشرق من العرب والمسلمين ولشعوب الجنوب من الأفارقة والآسيويين ونهبهم لثروات الشعوب بدون وجه حق.
الغالب والأكثر ثباتا في الصفحات الأخيرة من التاريخ عبر العصور الاستعمارية الإمبراطورية أن الغرب كان هو الأكثر عدوانا على الشرق وأن الشمال هو الأكثر استغلالا للجنوب، وما عرف من صراع بين الشرق والغرب أو بين الجنوب والشمال ليس لسبب جغرافي.
أو لكون الشعوب العربية والإسلامية تسكن في الشرق، أو لأن الشعوب الأفريقية والآسيوية واللاتينية تسكن الجنوب، وإنما لرد العدوان والظلم والاستغلال الواقع عليها من الشمال والغرب الذي أباح لنفسه حق الحياة الكريمة وحرمه على الآخرين من شعوب الجنوب والشرق.
ولم تنشأ المقاومة المسلحة ( الإرهاب) في الشرق إلا للتحرر من الاستعمار المسلح الذي يمثله الغرب، ولم ينشأ النضال في الجنوب إلا للتخلص من استغلال الشمال، ولهذا فمن غير الطبيعي أن يكون العداء عاما وثابتا بثبات الجغرافيا وإنما شرطيا ومتغيرا بمتغيرات التاريخ.
فإذا تراجع العدوان وانتفى الظلم وتعدل الاستغلال، وتحقق احترام الإرادات الوطنية والحقوق القومية، والعقائد الدينية والثقافية للشعوب، يمكن أن يفتح التاريخ صفحات جديدة لعلاقات جديدة تقوم على التعاون الدولي والإنساني وتحقيق المصالح المتبادلة والمشتركة لتحقيق العدل والسلام والرخاء لأطراف العالم الأربعة وليس لطرف على حساب آخر.
الشرق العربي مثلا لا يعادي الغرب كغرب، ولا يعادي شعوب الغرب التي خرجت تتعاطف معه في قضاياه الإنسانية العادلة رفضا للعدوان الغربي عليه والعراق آخر المشاهد، وإنما يعادي السياسة الاستعمارية القديمة والجديدة لعدد من حكومات الغرب.
والشرق الإسلامي ليس لديه مشكلة مع الغرب لسبب ديني باعتباره مسيحيا فليس هناك في الواقع مشكلة بين الإسلام وصحيح الأديان، فالأخوة والوحدة بين الرسالات السماوية الصحيحة أحد شروط إيمان المسلم.