محمد أمين الداهية
ما أجمل العلم والأجمل من ذلك الذي يسعى إليه ويطلبه ويجعل من حياته رحلة جميلة يقضيها في طلب العلم ولو كلفه ذلك عناء السفر وهجر الأحبة والأقارب وذلك البعد القاسي عن الأرض التي تربى وترعرع فيها وقضى أجمل أيامه فيها، طفولة بريئة العب ومشاغبة لم يكن يتوقع يوماً أن تجبره الظروف على ترك الأهل والأحبة والأحبة ويرحل بعيدا من اجل طلب العلم وتحقيق ذلك الأمل الذي يرسمه قبل ان يأتي إلى المدينة التي كان يظن انه بمجرد ان يصلها سيكون إنساناً آخر وسيعيش حياة متحضرة مختلفة في الغالب عن حياة الريف وجوه اللطيف ، كان يظن ان كلية الإعلام لن تساعده على التأقلم معها بسبب أولا اسمها الذي مجرد ما يسمع به أصدقاؤه ومحبوه يبعثون الرعب في قلبه والهيبة التي تشعره بان هذه الكلية لا تقل عن ما شاهده عبر شاشات التلفاز من مبان في غاية الروعة والجمال وصروح علمية يحسد الطلاب على ذلك الجو العلمي الذي يبعث في النفس نشوة العلم والتعليم وقيمة الانتساب إلى التعليم العالي، ومع ذلك ما وجده يحيى غير الذين كان يتوقع ويشاهد، فقد جاء من الريف وكله أملاً ان يكون احد أولئك الطلاب الذي شاهدهم عبر شاشة تلفزيونه في البيت، وقبل مجيئه إلى الكلية ليسجل استعان بأحد أقاربه وقام بشراء ما يلزم من ملابس كتلك التي اخبر قريبه بمشاهدتها ثم بعد ذلك أتى إلى الصرح الجامعي الشامخ ودخل كلية الإعلام إلا ان شكله كان مرتبكاً بعض الشيء عند قيامي بتعريفه على قاعات المحاضرات والكلية بشكل عام.
بعد ذلك طلب مني ان اذهب به إلى مبنى كلية التربية فلبيت له رغبته فاذا بي أرى الابتسامة على وجهه وكأنه يريد ان يقول هذا ما رايته في شاشة التلفزيون ، وبعيدا عن الإسهاب طلب العلم لا يشترط جوا مهيئا او معينا من يريد ان يتعلم فسيفعل ذلك في أحلك الظروف ومختلفها وسيحقق نتيجة ايجابية، ولكن ما دمنا في الألفية الثالثة وما دام هناك كلية وكأنها الوحيدة التي لم تزل على عهدها وعلى ذلك التصميم القديم الذي لم يواكب العصر والكليات الأخرى ، فلماذا لم تحظ كلية الإعلام بالمبنى الذي يتناسب مع اسمها أولاً تستحق هذه الكلية الغاية في الأهمية ان تكون لها قاعات مناسبة تبعث روح النشوة في الطلاب وتهيئ جوا يتيح لهم تلقي العلم وهم في راحة بال بعيدين عن التفكير أو الحلم بمبنى أو قاعات كالموجودة في بقية الكليات؟ الكثير سيقولون من يريد ان يتعلم فلن تشغل باله مثل هذه الأمور، ونحن سنقول نحن في الألفية الثالثة وليس من العيب على كلية الإعلام ان تواكب العصر شكلا ومضمونا ( ومضمونا).