نبيل مصطفى مهدي
كثير من زملاء المهنة اتفق معي وفي اعتقادي بأن عصرنا هذا ليس جميلاً لأن بعض مسؤولينا يريدون منا أن نكتب كلاماً جميلاً .. كيف نكتب والكتابة في هذا العصر غوص في رمال متحركة؟ كيف نكتب والكتابة عندهم جمر أحمر؟ فكيف نكتب كلاماً جميلاً نوزع فيه عليهم الزهور والقبلات؟ وبسببهم صار الحزن في هذا الوطن يقاس بالأمتار، وبلت فيه الأشجار والأجساد وتقلصت فيه سنين الأعمار، لقد أصبحنا نخاف أن يأتي علينا يوم بسببهم لا نرى الشمس في وضح النهار.
- المسؤولون في بلدنا نوعان نوع يمشي جنب الحائط ويؤدي عمله في حدود طاقته وإمكانياته ويتمنى من الله الرضا والستر، ويحرص دائماً أن يكون خارج دائرة أي صراع ويفرح كثيراً إذا مدحته الصحافة ولا ينام الليل لو مسته بسوء وأغلى الأمنيات عنده أن تكون صفحته بيضاء، وأن تكون سيرته محمودة عند خروجه من منصبه.
النوع الآخر من المسؤولين وهذا النوع هو الأخطر والشبه سائد كما اعتقد وهم المسؤولون أصحاب الطموح والنفوذ والذي يرى كل واحد منهم أن الحكومة ولا أحد سواها، وأنها الأقوى أو الأفضل أو الأهم في مؤسسة الحكم، هذا الفريق في حالة عدم تجانس لا يعرف الوفاق، ولا نبالغ أو نكذب عندما نقرر أن هناك حالة من العداء غير المعلن، وأن بعض المسؤولين يكيد للبعض الآخر بطريقة أشد من كيد النساء، صحيح أنهم يتقابلون ويتصافحون ويتهامسون ويسأل بعضهم البعض عن الصحة والأحوال وأخبار الأنجال ولكن النار تحت الرماد.
* صداقة آخر زمن:
من المعروف أن صدمة الصداقة بين أصدقاء العمر لا تقتصر على النواحي العاطفية، فهي أيضاً موجودة في النواحي العملية خاصة بين زملاء المهنة الواحدة، أن تسفه صديق عمل وجهد صديق عمره تملقاً لرئيس أو لرئيسه أن تكون ناقداً دائماً لتصرفاته، أن تتفاخر بالسخرية من آرائه وأفكاره وتشعره أنه أدنى فكراً، سمعنا حكايات كثيرة عن صدامة الصداقة خصوصاً بين الرجال، فهل حقيقة اختفت الصداقة الحقيقية بينهم؟
أن الصداقة الحقيقية لمن يريدها تتطلب الإخلاص والصدق بين الأصدقاء، تعني الالتزام الاخلاق، تعني العطاء كما تعني الأخذ في تبادل المساعدة، تعني تقبل مساوئ الآخر بدون استغلالها، تعني مشاركته وليس تملكه، تعني الاطمئنان والأمان في لقاء الأصدقاء أو الصديقات وليس كمثل صداقة آخر زمن.