زياد ابوشاويش
حماس أرادت أن لا تحاور في مصر وقالت إنها تعتبر إغلاق معبر رفح مشاركة في الحصار على قطاع غزة ومصر هي التي تغلق، ومع ذلك لم تقل حماس إنها لا تثق في الوسيط المصرى خشية أن تنقلب مصر بشكل أفدح ضدها وألقت بأعذارها على حركة فتح، وفي المقابل لم تكن السلطة الفلسطينية ترغب في نجاح الحوار إلا بشروطها التي لا تتفق مع معظم الفصائل على صعيد الترتيبات والبرنامج، وفتح منقسمة على نفسها وفيها من تمنى من الله أن لا يكون هناك حوار، وإن جرى أن لا ينجح، كما أن السلطة تذرعت بأن معتقلى حماس أمنيون وأبقتهم في السجن وهذا يخالف أبسط منطق وطنى فلسطيني...
كلنا نعلم انحياز مصر للسلطة الوطنية الفلسطينية ومشروع التسوية الأمريكية في المنطقة وقد قبلت حماس بأن تكون مصر وسيطا، ووفودها ذهبت إلى القاهرة وأبدت كل ملاحظاتها وطلباتها على المشروع المصري... فلماذا توقفت عن الذهاب لمصر قبيل موعد الحوار بيومين؟.
دعونا نلقى نظرة على شروط حماس وملاحظاتها والتي تذرعت بها مع باقى الفصائل التي اتفقت معها في رفض الحضور وهي منظمة الصاعقة التابعة لحزب البعث الفلسطيني، والجبهة الشعبية- القيادة العامة-، وحركة الجهاد الإسلامي.
الشرط الأول هو مشاركة فصائل انشقت عن تنظيماتها أو انشقت عنها فصائلها وهي جبهة النضال الشعبى الفلسطيني التي وافقت على تغيير اسمها إلى جبهة النضال الوطنى الفلسطيني، ولجان المقاومة الشعبية، وحركة فتح الانتفاضة، وجبهة التحرير الفلسطينية، والأخ مصطفي البرغوثى ممثلاً لكتلته ولحركته وكذلك الحزب الشيوعى الثورى الفلسطيني.
الشرط الثانى هو حضور أبو مازن كل الحوار وليس فقط إلقاء كلمة والمغادرة، باعتباره رئيس السلطة وحركة فتح والخصم الرئيسى لحماس وبالتالى إكمال الحوار حتى الوصول لنتيجة.
والشرط الثالث هو أن يلقى خالد مشعل كلمة في موازاة كلمة أبو مازن الافتتاحية، أى أن تكون هناك كلمتان افتتاحيتان مع بدء الحوار.
أما الشرط الرابع فهو الإفراج عن معتقلى حماس في الضفة باعتبارهم مناضلين وطنيين وليس كما اعتبرهم الرئيس محمود عباس، وربما يكون من حقنا أن نطالب حماس بالإفراج عن معتقلى فتح في مقابل ذلك ولكن هذا هو الشرط الوحيد الجدى من وجهة نظرنا والمحق والعادل...
والآن هل هذه أسباب تعرقل الحوار أو تمنعنا من الجلوس سوياً من أجل التوصل للقواسم المشتركة لو كان هذا هو الهدف حقاً؟ وفي المقابل هل كانت السلطة والرئيس سيردون بهذه الطريقة على مطلب عادل ومحق بالإفراج عن المعتقلين الحمساويين في الضفة لو كانت المصالحة والوحدة هدفهم؟.
إننى أعتقد، بل أكاد أجزم أن الطرفين كانا جاهزين لإفشال الحوار والمصالحة ولكل أسبابه الخاصة به والحافظة لمصالحه، وربما ليس من المناسب اليوم الحديث بهذا الخصوص، حيث سيأتى يوم تنكشف فيه كل المسائل، وحيث لن يجد كل هؤلاء ما يقولونه لشعبهم الذي أمل وتمنى أن نعود لبعضنا ونوحد صفوفنا في ظروف صعبة وفي مواجهة عدو لا يريد منحنا أدنى حقوقنا الوطنية.
إن أوهاماً تعشش في عقول قادة الطرفين وللأسف فإن باقى المستويات القيادية والقاعدية لا دور لها ولا رأى في كلا الحركتين، بمعنى أنهم شهود زور على ذبح القضية الفلسطينية، كما أن الفصائل التي أيدت حماس في موقفها الخاطئ والتي أيدت السلطة في موقفها الخاطئ أيضاً تتحمل مسؤولية جسيمة، ولم يعد هناك أى مبرر لبقاء بعض الناس في منتصف المسافة بين الطرفين على مستوى الرأى والقناعة والاصطفاف الذي يجب أن يتوقف الآن..لقد أرادوا المناورة حتى اللحظة الأخيرة وقلنا لهم كفوا عن ذلك واذهبوا بشروطكم واطرحوها في الحوار وإن لم تصلوا لنتيجة غادروا ا وقاطعوا وانسحبوا وافعلوا ما بدا لكم، أما أن لا تذهبوا بذرائع واهية وبشروط ليس لها أى قيمة حقيقية باستثناء مطلب الإفراج عن المعتقلين فهذا ضرب من العبث والطيش السياسي، اللهم إلا أن تكون هناك أجندة لا نعرفها سواء لحماس بالذات، أو للسلطة وفتح التي نعرف خطوط أمريكا الحمراء أمامها على هذا الصعيد.
فهنيئاً لكم الفشل ومبروك عليكم القطيعة، وعليكم أن تستعدوا لجولة من التراشق بالنار بدل الحوار، ناهيك عن التراشق الإعلامى المخجل.