علي بدوان
يتوقع العديد من الخبراء الإسرائيليين والمصادر الإسرائيلية المختلفة أن تترك الأزمة المالية العالمية آثارها الكبيرة على مسار المساعدات الأميركية لإسرائيل، بما فيها المساعدات العسكرية والأمنية حال استمر التردي الاقتصادي الشديد وفقد ملايين الأميركيين أعمالهم ومنازلهم ومدخراتهم، وعندها لن يكون بإمكان إسرائيل أن تقف لا مبالية وان تصر على تلقي المساعدات كما هي.
ومع أن المرشحين الرئاسيين باراك اوباما وجون ماكين وعدا في خطابيهما أمام مؤتمر ايباك لليهود الأميركيين الأخير قبل أشهر قليلة أن يحترما اتفاقية زيادة الدعم العسكري لإسرائيل. ولكن هذا الأمر كان في يونيو الماضي قبل انهيار البورصات والبنوك الاستثمارية ومؤسسات الإقراض وشركات التأمين وسوق العقارات.
حيث باتت الآن مطالبة إسرائيل للرئيس الجديد القادم للبيت الأبيض بأن يحترم الوعود التي أطلقها خلال الانجازات غير سلسة على الأرجح. حيث يتوقع البعض من الخبراء الإسرائيليين أن الأمور ستندفع باتجاه اضطرار إسرائيل للتنازل عن جزء من المساعدة التي تتلقاها من الولايات المتحدة، إلا في حال أن انقلب الاتجاه فجأة وعندها ستعود البورصات للارتفاع وتزداد فرص العمل والمساعدات تعود للتدفق وفق منسوبها المرسوم لها قبل نشوب الأزمات المالية الطاحنة.
وعلى هذا الأساس فإن المقترحات التي يقدمها الخبراء الإسرائيليون تنحو للقول إن على إسرائيل تجنب الضغوط القادمة جراء الأزمات المالية العالمية والسير نحو تقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية الأمريكية وتحمل معاناة أكبر.
خصوصاً وأن الأشهر القريبة القادمة متوقعاً لها أن تحمل معها أبعاد الأزمة الاقتصادية التي تعيشها الولايات المتحدة التي تتخبط بها منذ الآن. وعليه فإن خبراء المال في إسرائيل يقترحون على جهاز الأمن ووزارة المالية الاستعداد من الآن لاحتمالات تقليص المساعدات الأميركية المقدمة لإسرائيل وإيقاف زيادتها في أقل الأحوال.
كما طالبوا أيضاً الجيش الإسرائيلي بتأجيل تزوده بالطائرات والسفن الجديدة وإدخال تفكير إبداعي لإيجاد البدائل، مثل استعادة المعدات لمدة طويلة، كما أن التسويات السياسية التي تلزم إسرائيل بالانسحاب من الضفة والجولان ستبرر تقدم تعويض أميركي من خلال مساعدة موسعة أو منح خاصة لتمويل الترتيبات الأمنية.
ويذكر أنه في السنة الماضية توصلت إسرائيل إلى اتفاق مع إدارة الرئيس جورج بوش وخلاصته أنها ستحصل على ما يعادل (350. 2) مليار شيكل بالعملة الصعبة خلال عقد من السنين في إطار المساعدات العسكرية. . وفي هذه السنة ستصل المساعدة إلى نحو (55. 2) مليار شيكل أي أكثر من العام الماضي ب (150) مليوناً تقريباً. وستزداد تدريجياً كما كان مقرراً إلى أن تستقر على ما يعادل ثلاثة مليارات شيكل في السنة.
بينما ستكون أموال الدعم المتبقية بحدود سدس الميزانية العسكرية الإسرائيلية وأغلبيتها مخصصة لشراء طائرات لسلاح الجو الإسرائيلي. أما عند الجهات العسكرية الإسرائيلية، فإنها تعتبر أن كل تقليص في المساعدة العسكرية الأميركية كفراً خصوصاً على خلفية تزايد ماتسميه ب «التهديد الإيراني».
علماً أن مساعدات الولايات المتحدة الأمنية لإسرائيل بين أعوام (1948 2007) وقفت عند أكثر من (70) مليار دولار، ويمكن تصنيفها في ثلاث فترات يخالف بعضها بعضا في الأساس بمقدار المساعدة وبالأسباب السياسية التي ميزت كل فترة، فإلى بداية السبعينيات كانت المساعدة الأمنية لإسرائيل (المدنية والعسكرية) قليلة جدا ووقفت عند نحو (63) مليون دولار في السنة في المتوسط.
وازداد مقدار المساعدة زيادة جوهرية لتبلغ إلى (600) مليون دولار في العام في السبعينيات. بعد أن أخلت إسرائيل سيناء في إطار اتفاقات السلام مع مصر ازداد مقدار المساعدة ليبلغ إلى نحو ملياري دولار في العام. أي أن إسرائيل ابتداء من نهاية السبعينيات أصبحت المستمتعة الرئيسة بين الحاصلات على المساعدة الخارجية الأميركية: فإسرائيل تحصل على نحو (50%) من جملة المساعدة الأمنية للولايات المتحدة لدول العالم، وعلى نحو (25%) من جملة المساعدة الاقتصادية كلها.
وفي أثناء الفترة المستعرضة كانت هناك بضع حالات نقلت فيها الولايات المتحدة إلى إسرائيل زيادات خاصة على المساعدة الأمنية السنوية. الأمثلة البارزة على ذلك هي: مساعدة خاصة من اجل نشر القوات في سيناء من جديد (1979)؛ ومساعدة خاصة من اجل نشر مجدد للقوات كما تقتضي اتفاقات (WYE2000)؛ ومساعدة خاصة من اجل الاستعدادات قبل الحرب في العراق (2003).
بالإضافة إلى ذلك، وعلى حسب اتفاق بين حكومتي الولايات المتحدة وإسرائيل من سنة 1998، تضاءل في كل سنة المساعدة الاقتصادية المحولة إلى إسرائيل فوقفت المساعدة الاقتصادية السنوية من الولايات المتحدة إلى إسرائيل عند (1200) مليون دولار في سنة 1998، وبمقابلة ذلك تُزاد المساعدة الأمنية بنصف مقدار المضاءلة من المساعدة الاقتصادية.
حيث كان يتوقع قبل الأزمة المالية العالمية يتوقع أن تقف المساعدة الأمنية في العام 2008 عند (2400) مليون دولار للعام. يُنقل أكثر المساعدة الأمنية الأميركية إلى إسرائيل كمخصص تمويل لشراء جارٍ لوسائل قتالية ومعدات عسكرية ثانية من منتِجات أمريكية.
هذا المخصص يستعمل لشراء أشياء رئيسة (قواعد سلاح رئيسة) وأشياء ثانية (مثلا وقود للطائرات). وفي السنين الأخيرة أجازت حكومة الولايات المتحدة تحويل نحو (25%) من قيمة المساعدة الأمنية إلى عملة إسرائيلية لتمول بها نفقات محلية ولتكون جزءا من مصادر الموازنة الأمنية لإسرائيل.
الطرق الثانية للمساعدة الأمنية الأميركية لإسرائيل هي (أو كانت في الماضي)، بين الجملة، مساعدة أمنية خاصة (مثل مساعدة خاصة لنشاط محاربة الإرهاب)، ونقل فوائض جيش الولايات المتحدة إلى الجيش الإسرائيلي، وإعلام منتجات من فوائض الجيش الأميركي لجعلها تحت يد إسرائيل وقت الحاجة.
يضاف إلى ذلك أنه منذ حرب الخليج الأولى في عام 1991 يُمكّن الأميركيون إسرائيل من الحصول سلفا على كامل مخصص الدعم، لتحشد بهذا إيرادات ربوية عن الفوائض غير المستغلة ولزيادة مخصصات الشراء الفعالة.