ياسر سعد
أي مستقبل سياسي ينتظر الرئيس الأمريكى جورج بوش بعد انتهاء ولايته في يناير القادم؟ وهل سيكتفي الأميركيون بتذكر عهده بكثير من التبرم والسخط أم سيطالب البعض بمحاكمته بتهم كثيرة أقلها جرائمه ضد الإنسانية في العراق وأفغانستان، وبتزويره الحقائق وإخفائها عن الشعب الأميركي، وبقذفه البلاد في نفق المجهول؟
الرئيس الأسوأ في التاريخ الأميركي- والوصف للرئيس الأسبق جيمى كارتر- سيواجه أياما صعبة ومستقبلا يبدو قاتما، وليس بمستغرب أن يكون أكثر ناقديه شدة وحدّة هم من كانوا يوما من طاقمه وحزبه ومستشاريه ليتبرؤوا من سجله المشين ومن تجاوزاته الكثيرة؛ بل وحتى قبل أن يغادر البيت الأبيض بدأت السهام والانتقادات توجه له، فلقد حمَلت سارة بالين المرشحة السابقة لمنصب نائب الرئيس سياسته، مسؤولية إخفاق الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، معتبرة أن الاستياء الشعبى من حرب العراق والأخطاء الفادحة في إستراتيجية الحرب والإنفاق العام، أديا لتراجع حظوظ مرشح الحزب.
وقالت بالين "أعتقد أن تذكرة الجمهوريين مثلت الكثير من الوضع القائم.. الكثير مما حدث خلال السنوات الثمانى الماضية"، وأضافت "الأميركيون كانوا يهزون رؤوسهم في تساؤل حول كيفية وصول المديونية العامة إلى 10 تريليون دولار أثناء إدارة الجمهوريين".
أما الرئيس المنتخب أوباما والذي دأب في حملته الانتخابية على مهاجمة "السياسات الفاشلة" لبوش، قائلا ذات مرة انه يتعين على بوش أن يجيب على الكثير من الأسئلة بعد ثمانية أعوام قضاها في المنصب، فسيبدأ عهده الجديد، كما تشير التقارير، بالتعامل مع معتقل جوانتناموا وإغلاق الملف الأسود والذي شكل إحراجا أخلاقيا وقانونيا كبيرا للولايات المتحدة. فيما قالت صحيفة واشنطن بوست إن مسؤولى فريق أوباما اعدوا قائمة تضم 200 مرسوم رئاسى يمكن البحث في إلغائها أو تغييرها، من ضمنها المراسيم الخاصة بأبحاث الخلايا الجذعية والتنقيب عن النفط في ولاية يوتا وأخرى تتعلق بالبيئة والإجهاض.
أوباما الرئيس المنتخب يأبى القيام بدور رئيس الظل في الفترة الانتقالية، فقد أكد أحد مساعديه ما قاله البيت الأبيض من أن الرئيس المنتخب لن يحضر القمة المالية العالمية التي تستضيفها واشنطن في 14 و15 من الشهر الجاري. وفي رفض أوباما حضور القمة رسالة تقول بأنه يريد أن ينأى بنفسه عن جميع تبعات عهد بوش والذي من الصعب تقاسم أى رؤية علاجية معه لأزمة خانقة تسببت فيها إدارته. كما أن غياب أوباما عن القمة العالمية يفقدها الكثير من زخمها وأهميتها ويساهم في وداع مضجر لرئيس بائس.
ومن المتوقع أن تفتح ملفات كثيرة تكشف خفايا عديدة من وعن ممارسات وتخبطات إدارة بوش بعد رحليها لتزيد من المقت الشعبى والعالمى لها ولتصرفاتها. وليس من المستبعد أن تعمد الإدارة القادمة لتسريب وكشف أبعاد المأزق الأمريكى العسكرى في أفغانستان والعراق والأزمة المالية المحلية حتى لا تتحمل وزر تركة بوش الثقيلة وليكون لديها الدعم الشعبى لاتخاذ قرارات صعبة والقيام بتغييرات جذرية.