عدنان الجعفري
منطقة معبق هي عاصمة المقاطرة وتقع غرب طور الباحة وتبعد خمسة كيلو متراً تقريباً، شهدت في الآونة الأخيرة عدم مزاولة قاضيها لعمله في مركزها وإنما اتخذ له مكتباً في مدينة التربة التابعة لمحافظة تعز، مما ولد غضباً لدى المواطنين الذين شعروا بالعناء والإرهاق وخصوصاً عند بداية حضورهم أول جلساتهم حيث أصيبوا بنزيف مادي في النقليات التي كلفتهم لشراء "جاكتات" لغرض الدفء من البرد لكون التربة مرتفعة جبلياً وتشتهر بهيجة العبد الخطيرة من حيث السفر وتجمد الثلوج على قممها، مواطني معبق ومن خلال حديثي معهم يطالبون "قاضيهم" بالعودة إلى مقر عمله الكائن بمنطقة معبق أو يستقر بعاصمة المحافظة لحج لكون القانون الإداري يحرم مزاولة عمله خارج النطاق الإداري للمحافظة، وكذلك لعدم تعودهم على اشتداد البرد ولا توجد لديهم أموال لشراء مستلزمات البرد الكافية عند السفريات نظراً لانتقاله في بداية فصل الشتاء وكذلك بينوا أن القاضي برر مغادرته بسبب عدم وجود أمن في المديرية برغم أن مديرية معبق حقيقة لا يتواجد بها أمن لكن شهدت هدوءاً متكاملاً وعدم وجود أي اعتراضات أو فوضى من قبل مواطنيها المحبين للسلام، فهم يحافظون على سمعتهم وسمعة منطقتهم علماً أنها هي الوحيدة من بين مناطق المقاطرة يتواجد بها عقلاء ومشائخ راسخين رسوخ الجبال يرفضون زعزعة أمنهم وإثارة الشغب مع علمي بما يحضى به قاضي محكمتهم من احترام وتقدير بين أوساط المواطنين.
المواطن يعقوب بن محمد الحميدي من أبناء معبق بين لي بأن مسيرة "سفينة القضاء" شهدت وقفة منتظمة دون أعوجاج لكن فوجئنا بانقلاب السفينة عاليها سافلها دون مسببات مسبقة تذكر، وأضاف بأن هذا المشهد أعاد إلى ذاكرتنا حياة آبائنا وأجدادنا وما عانوه أيام التشطير حين كانت منطقتنا تتبع لمحافظة تعز، فمن على هذه الصفحة والكلمات المرصوصة بها أدعوا بها أخي القاضي بأن يعود إلى مقر عمله رحمة بالمواطنين الذين لم يستطيعوا توفير قيمة المواصلات، وأن استطاعوا توفيرها فأبناؤهم في حاجة لها لكي يسدوا بها رمق جوعهم الذي صار من المستحيل تحقيقه في ضل الارتفاع السعري للقمة العيش الضرورية، وأنا متأكد بأن عزيزي القاضي يدرك ذلك فعودته ستخفف من معاناتهم المادية والبدنية.
أيها القاضي الكريم بقاؤك في التربة يزيد من المشاكل في المديرية لعدم حضور الغريم المتمرد بمقابلة الشاكي أمام القضاء مستغلاً عدم وجوده فيضطر الشاكي لإحضار جندي خاص يكلف بإيجاد الغريم ويتحمل تكاليف المواصلات والتي تبلغ ما بين "5000-7000" ريال يمني، فهذه خاصة بأجرة السيارة فتبقى أجرة العسكري فتكون النتيجة عند الوصول بأن المتهم فلان بن فلان لا يوجد في منزله وقد غادره في الصباح الباكر إلى جهة غير معلومة، فماذا هنا يصنع الجندي المنفذ؟ والله ما يصنع إلا الرجوع إلى مكتب القاضي مخلفاً خسائر مادية وإرهاقاً جسدياً للمواطن دون فائدة، فالرحمة والرأفة بالبشر هي عبادة.
اللهم إني بلغت اللهم فاشهد.