ممدوح طه
سواء في أوساط أنصاره أو معارضيه، بكل ماله وبكل ما عليه في تاريخ النضال الفلسطيني، ربما لا يختلف الكثيرون سواء في الساحة الفلسطينية بكل أطيافها السياسية ولا في الساحة العربية ولا الدولية على اختلاف مواقفها على أن الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات كان التجسيد الحي لقضية الشعب الفلسطيني والرمز التاريخي للوحدة الوطنية الفلسطينية، بشخصيته الكاريزمية وببزته العسكرية و كوفيته الفلسطينية..
فهو الذي نظم حركة الشعب الفلسطيني في إطار حركة التحرير الفلسطيني »فتح»، وهو القائد المقاوم الذي فجر في الفاتح من يناير عام 1965 حركة المقاومة الوطنية بعملية فدائية من الجبهة الأردنية بعد عام واحد من تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة الزعيم الفلسطيني الراحل «أحمد الشقيري»بقرار من قمة القاهرة العربية التي دعا إليها الزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر عام 1964 تحت عنوان «من أجل فلسطين».
ولا ننسي ما تحمله بالمقاومة حينا و بالسياسة حينا آخر مما أكسب القضية بعدا عالميا، بما حول النظرة العالمية إلى القضية الفلسطينية من قضية لاجئين إلى قضية تحرر وطني لشعب من المقاومين، وبما بدد المقولة الصهيونية «وطن بلا شعب لشعب بلا وطن»، وقد توج نضاله العسكري والسياسي مع كوكبة من أخلص رفاقه بإنجاز وطني حين وضع القضية موضع الاهتمام والاحترام العالمي.
ومازلنا نتذكر عام 1974 حينما قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة في موقف غير مسبوق نقل مقر اجتماعاتها من نيويورك إلى جنيف ردا على الرفض الأميركي السماح له بدخول نيويورك، كي يحضر عرفات ويلقي خطابه التاريخي باسم الشعب الفلسطيني الذي قال فيه «لقد جئتكم وأنا أحمل غصن الزيتون بيد وباليد الأخرى سلاح المقاومة فلا تجعلوا غصن الزيتون يسقط من يدي».
كما ما زلنا نتذكر يوم رحيله الغامض قبل أربعة أعوام، والذي لا يزال ملفا مفتوحا يطرح الأسئلة بلا إجابة وتتكشف فيه الدلائل التي تكشف بعض الغموض بما يتطلب التحقيق الدولي، في الحادي عشر من نوفمبر عام 2004 يوم ضمت جنازته العسكرية الرمزية في القاهرة ملوك ورؤساء العرب لما كان له من مكانة رسمية، وبكته جماهير الشعب الفلسطيني والعربي وتحولت غزة الصامدة إلى طوفان من البشر في استقبال جثمانه القادم من القاهرة لما كان له من مكانة شعبية.
ويعز علينا في الذكرى الرابعة لرحيل الختيار «أبوعمار»الذي توحد غالبية الشعب الفلسطيني معه مهما كان هناك من خلاف مع سياساته السلمية، أن يتحول الخلاف السياسي بين الفصائل الفلسطينية إلى انقسام وإلى قطيعة، وأن ينقسم الشعب الفلسطيني من بعده بين القطاع والضفة، وبين الوقوف مع حماس في مواجهة الرئيس عباس أو مع الرئيس عباس في مواجهة حماس، بأكبر من المواجهة مع الإسرائيليين.
وكم كان مؤسفا أن يكون إحياء ذكرى رحيل رمز الوحدة الوطنية الفلسطينية بتأجيل الحوار الوطني الذي لابديل عنه لاستعادة قوة القضية سواء للمفاوض الفلسطيني أو للمقاوم الفلسطيني، وأن تتحول الذكرى الرابعة إلى مناسبة إلى الهجوم المتبادل بين الفصيلين الوطنيين المتنازعين على أسلوب النضال بين المقاومين والمفاوضين.
في ظل الحصار الخانق والاعتداءات الإسرائيلية الدموية ضد الشعب الفلسطيني في القطاع، وفي الضفة أيضا دون أن يشكل ذلك دافعا للسلطة في رام الله وللحكومة المنتخبة المقالة في غزة لاستعادة وحدة الشعب والأرض والسلطة.. ولانتهاج طريق عرفات القائل »المقاومة هي الغرس والسياسة هي ثمار هذا الغرس» .<