علي راشد علبان
كنت ولا زلت على مدار الأعوام والسنين من عمري وأنا أطمح إلى أن أكون صاحب ذوق مع القريب والبعيد مع الصديق والخصم مع من حب ومع من لا أحب المهم "يخلي" واحد عنده ذوق سليم في التعامل مع الآخرين في الاتفاق والاختلاف، غير أن هذه الأيام إن تكون صاحب ذوق وأخلاق مع الآخرين المرضى النفسانيين يصفونك على إنك "كاهن" أو "مدرك" أو "مرفع" أو "ممجد" يريدون أن تكون مثلهم "تدل" وفي إحدى زيارتي لمكة المكرمة بيت الله الحرام وقعت عيني على كتاب "متعة الحديث" قدمه الشيخ سليمان العودة والدكتور/ طارق السويدان، والشيخ/ عائض القرني، وقرأت قبله كتيباً صغيراً "الذوق" للأستاذ/ عباس السيسي، وقلت لنفسي أن أنفع نفسي والقارئ الكريم رجل أو امرأة لعل وعسى أن تستفيد من كتاب متعة الحديث وتشخيصه لأصناف من الرجل الذواق والمرأة الذواقة والعكس تماماً مسلوبين الذوق، وكتاب آخر للشيخ عائض القرني "لا تحزن"، هذا الكتاب حديث عهد في مكتبتي المنزلية والذي حالياً أعكف على قراءته بعد أن دلني عليه الزميل العزيز/ إبراهيم مجاهد رئيس تحرير هذه الصحيفة المتألقة، فالإنسان الذواق ضروري أن يتحمل أكثر الأعباء ويكون مزاجه مستقيم، يتخذ التواضع منه نبيه ويعطي من دون منة، كريم طروب، قليل العيوب، كثير الفكر مبتسم، صاحب للأصحاب، وحبيب للأحباب، كيس لطيف، وإذا دعت إليه الحاجة يواسيك ويسليك، وعكسه تماماً الأحمق الغبي عقله ممزق عيناه غير مستقرتان ينافق وينقل النميمة والغيبة وعلى زوجته يمد يده، وإن مدحته ازدراك وإن تركته عاداك، يعاديك ويخطب في الناس عن التسامح والعفو وهو حاقد عليك مريض لكونك أرفع منه مكانة وعلماً وقبولاً ولمعاناً بين الناس من فضل الله ومن سوء الحظ إن لي أقرباء قد يكونون أولاد عمومة أو غيره تفرش لهم خدك بالأرض لداسوا عليه معتبرين ذلك إنهم منتصرون عليك وغصباً عنك، ورغم تلك الحماقة فلا يزال خطيب المنبر يظن إنه سلطان، حين يتكلم عمن يأكل حق "أخواته" من الميراث يخاطب به الناس وهو ووالده غير معني بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي توصي للذكر مثل حظ الأنثيين، وقد توقفت قليلاً عند وصف الرجل "النذل" مع الناس وكله عندي سهل ولا النذالة، والنذل من الناس هو من كان قليل المعروف، قليل الأدب، كثير الضحك بلا سبب، كثير النوم قليل الهمة بين القوم وفوق ذلك كله كثير الحديث لا يريد يتحدث إلا وهو ويغتاب كل سائر في الطريق معجب بكلامه، يجب ثناء الناس عليه ويسخط عليك إن كنت أفضل منه، بل يقطع السلام عليك ويقرأ ما تكتبه بخفية، بل لا يريد أن تعيش بسعادة وسلام وحب ووئام، يحب الظهور الذي يقصم الظهور، ومن الرجل تأتي المرأة صاحبة الذوق السليم، فالمرأة الذواقة هي ليست الصاخبة ولا الكذابة جفونها واسنة وألفاظها حسنة، شفيقة رفيقة "أمة الصبور" صاحبة شرف ودين، كيسة ظريفة، إنها نبيلة نظيفة، قليلة الصدود ناعمة الخدود، وأزيد من عندي هي: التي تمشي على "حبة ونص"، ولا أكذب عليكم أنني بعد أن قرأت هذا الوصف للمرأة في كتاب متعة الحديث توجهت لا شعورياً نحو القبلة ودعوت الله من أعماق قلبي الشغوف أن يجمعني بمثل هذا النموذج في جنات النعيم أنه سميع مجيب.
أما قليلة الذوق والمسلوبة الحمقاء فهي الموت والطامة الكبرى وهي الصاخبة والساخطة كثيرة السخط ومحمرة الوجه عند الغضب، وكثيرة الشروط إلى جانب الصياح والعراك ومنحوسة وزوجها المسكين دائماً تحتها مثل الأسير، التي لا يصطلي لها بنار لأنها من الأشرار لأنها منحوسة معروفة، ولو أنفق عليها الآلاف والمئات فهي مثل جهنم هل من مزيد لا تشبع لو ذبح لها كل يوم خروف، طبعاً مثل هذه المرأة لو كان الأمر بيدي لحكمت عليها أن تقف على ساق واحدة تحت الشمس الحارقة في منتصف الصيف الحار شديداً طوال النهار، وأن تنام في العراء في منتصف الشتاء القارص دون أي لحاف أو فراش، وأن أفاجئها وأفجعها في الظلام الحالك مرتدياً ملابس بجلد الوحش النمر، وفي الأخير أجارنا الله من مثل تلك النساء، وأبعدهن عن ديارنا وديار المسلمين قولوا آمين يا رب العالمين.<