ممدوح طه
لا تزال العاصمة الصومالية مقديشو والمدن الصومالية الأخرى، تشهد اشتباكات عنيفة على مدى الأيام الماضية، بين القوات الحكومية والإثيوبية وكتائب «شباب الجهاد» الموالية لجناح طاهر عويس في التحالف الذي لم يكتف برفض اتفاق جيبوتي فقط، بل أيضاً أعلن مواصلة القتال حتى تنسحب القوات الإثيوبية، فيما أعلن المؤيدون له عن سحب الثقة بزعيم المحاكم الإسلامية شريف شيخ الذي وقع هذا الاتفاق والشيخ شريف رئيس البرلمان الذي يؤيده.
وبرغم توقيع اتفاق المصالحة في جيبوتي بين الجناح المؤيد لشريف شيخ زعيم تحالف إعادة تحرير الصومال وللشيخ شريف رئيس البرلمان الصومالي مع الحكومة الانتقالية برئاسة عبدالله يوسف، والذي يوقف مقاومة التحالف الصومالي ضد القوات الإثيوبية الغازية لمدة تسعين يوماً، على أن يتم انسحاب القوات الإثيوبية بعد مئة وعشرين يوماً بشرط استقدام القوات الدولية «الكافية»، وهو ما أيده مجلس الأمن الدولي.
وكان رئيس الحكومة الإثيوبية قد سبق هذا الاتفاق، وفي ظل ضغط قوات المقاومة الصومالية للتحالف الصومالي الموحد، بإعلان استعداده للانسحاب من الصومال لو توصلت الحكومة الانتقالية إلى اتفاق سياسي مع المعارضة المسلحة، وهذا ما شجع زعيم التحالف شريف شيخ على التسرع في إبرامه. . لكن نائبه طاهر عويس عارضه بسبب غموض بعض نصوصه.
والالتباس في تحديد التزام المحتل الإثيوبي بالانسحاب في الزمن المحدد، والأهم من ذلك بسبب ما يراه المعارضون من منح هذا الاتفاق شرعية للقوات الإثيوبية وللحكومة الانتقالية التي تحكم تحت حمايتها.
وكلنا تابع بأسى على مدى الأعوام السبعة عشر الماضية ما يعانيه هذا البلد العربي المقسم ذو الملايين التسعة من المسلمين، بينما يعيش حرباً أهلية دامية نتيجة حالة الفراغ في السلطة الذي أعقب انهيار نظام الجنرال سياد بري وشيوع الفوضى وتبدد الأمن، وانقسام البلاد إلى دويلات وكانتونات حكمها أمراء الحرب المتنازعون على النفوذ بما خلف أوضاعاً إنسانية مأساوية.
وفاقم ذلك بروز أهداف صهيو أميركية لتقسيم هذا البلد ذي الموقع الاستراتيجي المهم في القرن الإفريقي، مع تنافس أطراف إقليمية على النفوذ في مقدمتها إثيوبيا التي أقدمت على غزو الصومال لمنع المصالحة الوطنية بين اتحاد المحاكم الإسلامية والحكومة الانتقالية في الخرطوم. وكانت احتلت إقليم أوجادين الصومالي منذ الاستقلال عن إيطاليا، وتخشى من قيام أي نظام حكم صومالي يسعى لاستعادته خصوصاً إذا كان إسلامياً.
والآن بعد توقيع اتفاق جيبوتي واشتداد المقاومة له. . وبعد الانقسام السياسي الناتج عنه بين المؤيد والمعارض. . وبعدما عادت تطورات الأحداث الصومالية لتفرض نفسها مرة أخرى على واجهة الأحداث السياسية العالمية بعدما كادت تتحول ثانية إلى قضية منسية من العرب والمسلمين والعالم.
بعد توقيع اتفاق جيبوتي واشتداد المقاومة له بعد الانقسام السياسي الناتج عنه بين قادة التحالف الوطني لإعادة تحرير الصومال بين مؤيد ومعارض. . عادت تطورات الأحداث الصومالية لتفرض نفسها مرة أخرى على واجهة الأحداث السياسية العالمية، بعدما كادت تتحول ثانية إلى قضية منسية من العرب والمسلمين والعالم.
فأين يقع هذا التطور الجديد؟ وهل يشير إلى نجاح اتفاق جيبوتي فقط في انقسام قادة «تحالف إعادة تحرير الصومال» بين مفاوضين ومقاومين، مثلما حدث الانقسام في فلسطين، ويصبح المستفيد الوحيد هو المحتل لوطن الجميع المفاوضين والمقاومين على السواء؟!