سراج الدين اليماني
نحن دائماً وأبداً نحذر من الإرهاب والإرهاب المضاد، لكن الإرهاب الذي نحذر منه هو ما يستعمله أبناء جلدتنا والذين يعيشون معنا على أرضنا ويأكلون مما نأكل ويشربون مما نشرب ويلبسون مما نستصدره ويتكلمون بألسنتنا، ولم نفكر من أين جاءتنا هذه الفكرة ومن أين أقتبسها وأخذها هؤلاء الهمج الرعاع؛ لأن الذين هم أهل فكر وثقافة ودين وأخلاق وقيم ومبادئ لا يرتضون أعمال هؤلاء البطالة، فلم يدر بخلد إنسان منا أن يقول لهذا المجتمع الذي صب جام غضبه على إخوانه وآبائه وأبنائه من أين جاءتكم هذه الفكرة وهي غريبة على سماحة الإسلام ومخلة بنهجه المتسامح المعروف والمدون في الكتب النقية الصافية التي نقلت لنا سيرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وخلفائه من بعده والصحابة رضي الله تعالى عنهم، والأئمة من بعده إلى يوم الناس هذا فلم نر إرهاباً ولا غلواً ولا تعصباً ولا نعتاً من الذين يتبعون النبي الأمي المتسامح المترفق المتأني صاحب الصدر الرحب والناصح الأمين والذي يخاف على أمته من الوقوع في مثل هذه العواصف الهوجاء والأقوال الشاذة الرعناء التي لا تمت لهذا الدين بأي صلة، وأنها ابتدعت واستحدثت من أهواء بعض شذاذ الآفاق وقالوا بها وجعلوها طريقاً يسار عليها ومن لم يسر عليها فهو الضال المضل.
لكن الذي زرع الإرهاب ورباه وقوضه هم أبناء أمتي الغضب والضلال وثالثة الأثافي المجوس ليرهبوا العالم ويجعلوه تحت السيطرة مرهوباً منهم متقرباً إليهم فلما لم ينجح إرهابهم أرسلوا فكرتهم إلى بلاد المسلمين ودعوا أناساً منحلين مخذولين لكي ينشروا هذا الفكر اللعين بين أوساط المسلمين، فشربوا تلك الفكرة مع إملاء جيوبهم بالمال، فقاموا بالتعبئة الخاطئة للناشئة منذ نعومة أظفارهم لأن الكبير لا يستطيعون على تعبئته بالأفكار الخاطئة والهدامة حيث وأنه مسلحاً بعلم أصيل فلجاؤوا إلى الناشئة ورسخوا في عقولهم أن الأمة مظلومة، وأن الكفار قادمون ولم يعوا أن قدوم الكفار هم على أيديهم هم بهذه الأعمال التي عملتها أيديهم أوعزت للكفار أن يدخلوا ببوارجهم إلى مياهنا ولا من منكر منا أبداً لأننا نعيش تحت سيطرتهم بسبب هذه الأعمال الإجرامية التي قام بها أبناء جلدتنا.
المهم لنعرف معاً من هو الإرهابي الحقيقي ولنحاول أن نبعد هذا الوصم الخاطئ والمجحف في حق هذه الأمة البريئة المتسامحة من هذا الذي علق بها بسبب ثلة قليلة من أبناءها والذي نجح العدو في استقطابها ولننفض الغبار عن الحقائق ونحاول إخراجها والقول بها وندع التسامح مع من أرادوا سلب حريتنا وطمس هويتنا ومعالم ثقافتنا وديننا.
هذه شهادات بعض الغربيين التي تبين أن الإرهاب أميركي يهودي مزدوج، فهذا الكاتب الأميركي "جون جيراسي" كتب في صحيفة غارديان بعنوان "هل يمكن أن تتوقف الدموع"؟ يقول الكاتب: لا أستطيع أن أمنع نفسي من البكاء، فعندما أرى على شاشة التلفزيون أولئك الذين فقدوا أحبابهم في كارثة مركز التجارة العالمي، أفقد السيطرة على دموعي، ثم أتساءل: لماذا لم تنهمر دموعي عندما قامت قواتنا بقتل خمسة آلاف بنمي فقير في ضاحية الشوريلو بحجة البحث عن الدكتاتور "نوريغا" وكان قادتنا يعرفون أنه مختبئ في مكان آخر ومع ذلك قمنا بتدمير ضاحية الشوريلو لأن سكانها تظاهروا وطالبوا بخروج القوات الأميركية بصورة كاملة!!
ولماذا لم أبك عندما قتلنا مليوني فيتنامي معظمهم من المدنيين الفلاحين، في حرب كان مهندسها الرئيس وزير الدفاع روبرت ماكنمارا الذي كان يعرف بأننا لن ننتصر؟! ولماذا لم أبك أيضاً عندما ساعدنا السفاح "بول بوت" للقضاء على مليون كمبودي، وذلك بتزويده بالسلاح والمال لأنه كان خصماً للشيوعيين؟! وحتى لا أبكي ذلك المساء قررت الذهاب إلى السينما، واخترت فيلم لومومبا، ولاحظت أيضاً أنني لم أبك عندما اضطلعت حكومتنا بترتيب عملية اغتيال الزعيم الكونغولي الوحيد الذي تميز بالاستقامة، وذلك لتستبدل به الجنرال "موبوتو" الدكتاتور السفاح الذي امتاز بالجشع والظلم، كما أني لم أبك عندما رتبت وكالة المخابرات المركزية عملية الإطاحة بالرئيس الأندنوسي "سوكارنو" واستبدلنا به جنرالاً آخر وهو "سوهارتوا" والذي أعدم ما لا يقل عن نصف مليون من مواطني اندونيسيا، إلى أن قال: وعندما أنهيت هذا المقال فكرت في عدم إرساله للصحافة؛ لأن بعض تلاميذي وزملائي وجيراني سيكرهونني، وربما يلحقون بي الأذى، ثم فتحت جهاز التلفزيون مرة أخرى لأسمع وزير الخارجية طبعاً الأميركي كولن باول وهو يؤكد أن أميركا ستنتقم من هؤلاء الأشرار الفقراء الذين يكرهون أميركا !! لأننا متمدنون وهم متخلفون ثم قررت إرسال المقال رغم المخاطر، فلعل قراءة المقال تدفع الكثيرين للتساؤل: لماذا نكتشف وجود عدد كبير من الناس على استعداد للموت حتى يذيقونا ما سبق أن أذقناهم.
انظر صحيفة "الدستور 4/8/1422ه الموافق 30/10/2001م، نقلاً عن غارديان البريطانية، وكذلك نشرتها صحيفة الوطن 16/9/1422م الموافق 1/12/2001م السعودية.
أخي هذا واحد من كثير سوف أنقل لك معاناتهم من حكوماتهم التي عيشتهم في رعب هم أيضاً وهذا يتضح من قول الكاتب الأميركي الآنف الذكر والذي فيه وعندما أنهيت المقال فكرت في عدم إرساله للصحافة فهم يشهدون بإرهاب حكوماتهم للعالم النامي لأنهم غير متمدنين وفلاحين لهذا السبب حاولوا إرهابهم وغزوهم وإخضاعهم، وللحديث بقية إن مد الله في العمر.
الباحث في شؤون الإرهاب.