محمد أمين الداهية
عندما يقوم البعض ممن هدهم الفقر وأضنى معيشتهم الجوع بعمليات خطيرة وبالذات عندما تكون مثل هذه العمليات في البحار كعمليات القرصنة في المياه الدولية لخليج عدن والتي تقوم بها مجموعة من القراصنة الصوماليين الذين زادت أعمالهم بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، في ظل صمت وعدم تجاوب من قبل المجتمع الدولي، ولكن يبقى السؤال المحير هل فعلاً إنه الجوع والفقر المدقع هو الذي دفع أولئك القراصنة الصوماليين لعمليات القرصنة البحرية والتقطع والاستيلاء على أكبر وأضخم السفن والبواخر في العالم؟ أم أن هناك يداً ما زالت تحافظ على تسترها تقف وراء أعمال القرصنة في المياه الدولية لخليج عدن؟ أما الاحتمال الأول والذي يكمن في عامل الفقر والجوع ويقول إنه السبب في أعمال القرصنة البحرية، يحتاج إلى تفسير وتحليل دقيق إلى مصدر القوة التي مكنت القراصنة من النجاح في أعمالهم واختطاف سفن وبواخر لا يمكن اختطافها والاستيلاء عليها إلا بقوة هائلة ودعم لامحدود يساعد القراصنة على ما يقومون به.
وفي ظل الجوع والفقر المدقع كيف استطاع هؤلاء القراصنة أن يكونون بهذه القوة التي أذعرت دول العالم؟ ويبقى هذا الاحتمال معلقاً إلى وقت آخر تتجلى فيه الأمور وتتضح الحقيقة المبهمة، أو إذا حاولنا أن نقف مع الاحتمال الآخر والذي يقول أن هناك يداً وراء ما يحدث في المياه الدولية لخليج عدن، وقد يكون هذا الاحتمال هو الأقرب؛ لأن إسرائيل وأميركا إذا أرادتا شيئاً تراه في غاية الأهمية وسيخدم مصالحها فسيتقدمان على فعله، فمن المعقول هذا وليس ذلك غريباً على أميركا وإسرائيل؛ لأن ذلك الصمت أو عدم تجاوب المجتمع الدولي لنداءات وتحذيرات الدول العربية المطلة على البحر الأحمر والتي لطالما نادت وحذرت من خطورة ظاهرة القرصنة البحرية على مصالح دول العالم، وأيضاً تلك المشاهد المتكررة لاختطاف السفن والبواخر، كل ذلك والمجتمع الدولي في جمود وبرودٍ غير عادي، وكأن هناك من يمهد للفرصة التي تسمح لأميركا بإرسال قوات إلى خليج عدن حتى تكون هي المطلعة الأولى على ما تمر به من سفن من وإلى مختلف دول العالم، وكذلك يكون لها النفوذ والسلطة على خليج عدن، ومن مصلحة أميركا وإسرائيل أن تستمر عمليات القرصنة حتى يشمل الضرر أغلب دول العالم بما فيها الدول العربية، وبعد ذلك تأتي فرصة أميركا وإسرائيل لإرسال قواتها من أجل حماية الممرات البحرية وتوفير الأمان للسفن في المياه الدولية لخليج عدن، وسنرى ذلك قريباً عندما ينهض المجتمع الدولي من سباته، ويرى أن إرسال قوات أميركية لخليج عدن من أجل توفير الأمن والحماية ضرورة لازمة، ولا يمكن أن تنتهي أعمال القرصنة إلا بهذه الطريقة.