عبدالباسط الشميري
يقال في الأثر أن عبدالله بن المبارك صاحب أبي حنيفة كان يحج سنة ويغزو أخرى، وقد حدث عن نفسه وورد هذا في قصص الصالحين حيث قال: لما كانت السنة التي أحج فيها خرجت بخمسمائة دينار إلى موقف الجمال بالكوفة لأشتري جملاً، فرأيت امرأة على بعض الطريق تنتف ريش بطة أحسبها ميتة، فتقدمت إليها وقلت: لم تفعلين هذا؟
فقالت: يا عبدالله، لا تسألني عما لا يعنيك، فوقع في خاطري من كلامها شيء فألححت عليها فقالت: يا عبدالله قد ألجأتني إلى كشف سري إليك ثم قالت: يرحمك الله أنا امرأة ولي أربع بنات مات أبوهن منذ زمن قريب وهذا اليوم الرابع ما أكلن شيئاً، وقد أحلت لنا الميتة، فأخذت هذه البطة أصلحها وأحملها إلى بناتي فقلت في نفسي: ويحك يا ابن المبارك أين أنت من هذه؟ ابسطي حجرك، فصببت الدنانير في طرف إزارها وهي مطرقة لا تلتفت، وقلت لها عودي إلى بيتك فاستعيني بهذه الدنانير على إصلاح شأنك، ونزع الله من قلبي شهوة الحج في هذا العام، ثم تجهزت إلى بلادي وأقمت حتى حج الناس وعادوا فخرجت أتلقى جيراني وأصحابي فصار كل من أقول له: قبل الله حجتك وشكر سعيك يقول لي وأنت قبل الله حجتك وسعيك إنا قد اجتمعنا بك في مكان كذا وكذا، وأكثر الناس علي في القول، فبت متفكر في ذلك فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وهو يقول: "يا عبدالله لا تغضب فإنك أغثت ملهوفة من ولدي، فسألت الله أن يخلق على صورتك ملكاً يحج عنك"، وقد تابعت وأنتم معي قصة هذا الرجل الصالح.. يا ترى كيف حال الأشقاء اليوم في غزة وهم لا يجدون كسرة خبز أو حبة دواء، بل كيف حالهم وقد نفذ مخزونهم من الوقود ومن الدقيق وإن وجد الدقيق فبماذا ينضج هذا الدقيق خاصة وقد توقفت بالأمس عن العمل عدد من مخابز غزة لعدم توفر الوقود، وما هو الواجب علينا كأمة مسلمة تجاه هؤلاء المستضعفين والذين تكالب عليهم الحبيب والصديق قبل العدو؟ بل ما هو موقف أعضاء البرلمانات العربية والإسلامية وقد وصل برلمانيون من الغرب والشرق إلى غزة عبر السفن بينما الصمت وحده سيد الموقف في بلدان العروبة والإسلام؟ بل إنه لمن المخزي بالفعل أن تقف القيادات العربية دون أن تتخذ موقفاً مشرفاً تجاه إخواننا في غزة، ثم أي عجز هذا يا أمة الإسلام؟ أي ذل هذا الذي نراه؟ ألا يستحق الموقف وقفة جادة من قبل القيادات العربية؟ سؤال ربما يصعب الإجابة عليه، اللهم إنا بلغنا اللهم فاشهد اللهم فاشهد!
abast 66 @ maktoob.com