شكري عبدالغني الزعيتري
كان عمرها باقة أزهار تسمى أياماً. . وقلة سنين تسمي شبابا. . شبت العذراء وأفرغ في قالب أنوثتها الجمال القمري. . والضوء الشمسي. . وبهجة النهار. . وسكينة الليل. . واكتسى وجهها ديباجة من الزهر الغض. . وأودعتها الطبيعة سرها النسائي الذي يجعل العذراء فن جمال لأنها فن حياة. . وأسبغت عليها معاني الرقة والحنان وجمال النفس. . صفات اتصفت بها العذراء فكل معاني وصور الجمال ارتسمت في أنوثتها فكان جوهرها الإنساني هو من جذب إليها خطيباً ليخطبها. . خطبت العذراء لزوجها وعقد له عليها في اليوم الثالث من شهر شوال بعد عيد الفطر الماضي المبارك. . وحدد يوم زفافها في يوم الخميس الثالث من نفس الشهر(شوال). . جاء يوم زفافها باليوم المحدد بالخميس الثالث من شهر شوال الماضي ومنذ الصباح الباكر جلبوا لها امرأة لتزين جمالها بمستحضرات التجميل الصناعية. . ولساعتين من الزمان لاستكمال تجميلها وتحسين مظهرها كيف هذه وهي الجمال ذاته وحسن وجهها ناطقا بروعة وحسن الخليقة وخلق الخالق سبحانه تعالي الذي خلق فسوى فأحسن صورا تتجلي ولما انتهت المرأة من تزيينها وتجهيز العروس. . أخذوها وقد اعدوا لها متكأ بداخل إحدى السيارات التي كانت تقف منتظرة بجوار منزل أبيها وكانت السيارة هي أيضا قد جملت بالزينة لتوافق جمال العروس التي ستصعدها ولتبشر بالفرحة عند ظهورها علي مشارف قرية عريسها. . . اتخذت العروس مقعدها بداخل السيارة وانطلقت سيارتها قاصدة منزل عريسها في قريته التي كانت تبعد عن أمانة العاصمة صنعاء مسافة سير ساعة ونصف من زمن السير للسيارة بسرعة متوسطة المسير. . وفي الساعة الرابعة عصرا وصلت سيارة العروس إلي مشارف القرية وحولها موكب من السيارات التي رافقتها من صنعاء إلى قرية عريسها وتوقفت سيارة العروس عند نهاية الطريق الذي لم يكن بجوار منزل العريس إذ لم يكن بعد ذلك قدرة للسيارة على مواصلة المسير حتى الوصول إلى بوابة منزل العريس لأن المنطقة كانت جبلية ووعرة والطريق لم تكن معبدة حتى أمام بوابة منزل العريس. . فأنزلت العروس من السيارة للسير على أقدامها وحولها تجمع جمع من النساء والرجال من أقاربها وأقارب عريسها فسارت العروس مشيا على قدميها وببطء حتى لا تقع بسبب كعب حذائها العالي. . وقبل وصولها إلى منزل عريسها زغردت الزغاريد وقرعت الطبول وعلت أصوات الغناء عبر مكبرات الصوت "الميكرفونات" الخارجية المثبتة فوق سطح منزل عريسها ومنازل بعض جيرانه ترحب بالعروس وتهنئ وتبارك. . . وأثناء هذا ظهرت أصوات نشاز. . تصب في القلب الذعرو الخوف. . وأقلقت الحاضرين سيرا حول العروس لأنها أصوات لا توحي إلا بالقتل والدماء (أصوات الأسلحة النارية وإطلاق الرصاص ) فغلب أصواتها أصوات البهجة والسرور والغناء إذ أصبح لا يسمع إلا أصوات الذعر من قرون وقرون تفرغ رصاصاتها وأعيرة نارها نحو السماء ومن كل اتجاه. . وعلت أصوات صياح الرجال والنساء من كبار السن تنطلق من كل جانب وباتجاه الصبية الطائشين ممن كانوا يطلقون نيران الرصاص والأعيرة النارية نحو السماء محاولين إيقافهم. . وقبل الوصول إلى منزل العريس وبعد أن كان بين العروس وبين عريسها ومنزله الذي كان داخله ينتظر استقبال عروسته عدة أمتار. . وإذا بأحد الشباب واقفاً أمام العروس وبيده (الآلي) وممن كانوا يطلقون الأعيرة النارية نحو السماء وإذا بتدافع الناس ممن حول العروس وممن أمامها يريدون إفساح الطريق للعروس لإدخالها منزل عريسها ولشدة الزحام تدافع من حول العروس فكان الشاب الذي يقف أمام العروس و بيده السلاح الناري ( الآلي) أحدهم فسقط بجسمه وسلاحه علي الأرض منبطحا فتوجه فم السلاح الناري (الآلي) نحو العروس ولم يشعر الشاب بذلك وكانت إصبعه علي زناد السلاح ولما كان من تدافع شديد دفع احد ممن كانوا بجواره بمرفق يد الشاب والذي حينها كانت احد أصابعه علي زناة السلاح (الآلي) فضغطت على زناد السلاح وفجأه خرجت مجموعة من الطلقات النارية ولم تستقر إلا في صدر العروس واثنان ممن كانوا بجوارها وامرأة أخرى. . وفجأه وقعت العروس أرضا ووقع معها اثنان وامرأة قتلا وتوفوا في حينها دون مهلة وتحول الفرح إلى حزن ومأتم وبكاء وعويل وأصوات الرجال تصيح. . و في اليوم الثاني زفت العروس إلي قبرها ومعها ثلاث جنائز من الموتى ممن توفوا بجوارها حين وقوع الحادثة. . هذا ما حدث من مأتم وحزن انقلب عن فرح وسرور. . فماذا يكون أيها المجرم القاتل بعدما اقترفت الجريمة النكراء وشاركك أهلك أن سمحوا لك بالخروج بسلاحك الناري من منزلك. . وشاركك أبناء قريتك أن سمحوا لك بإطلاق الأعيرة النارية ولم يضعوا أعرافا لمنع ذلك مسبقا. . وان قبلوا بك للجلوس بينهم حينها. . . من سيثبت ضدك وضد أسرتك وضد قريتك الدليل بارتكاب الجريمة في حق أربعة قتلى. . وكيف سيجتمع عليك الجند والقضاة. . وكيف ستقف أمام الشريعة العدل وقانون السماء وقانون الأرض. . . وأنت في حكمالقاتل الخطأ. . فمثل هذا كثيرا ما حدث ويحدث في أعراسنا نحن اليمنيين وخاصة بالقرى أن يقلب الفرح حزنا بتهور من لا عقول لهم ولا إحساس. . فأين حكماء وعقال كل قرية من قرى يمننا الحبيب التي فيها يتباهون بحمل الأسلحة النارية واستخدامها وإطلاق الأعيرة النارية منها أثناء الأفراح. . . بأن يضعوا مراسيمهم و لجميع أبناء قراهم بمنع استخدام السلاح الناري وحمله أثناء الأفراح. . . .
Shukri_alzoatree @yahoo. com
