احمد عمرابي
لن تتلاشى ظاهرة القرصنة البحرية الصومالية ما لم يتحول الصومال من حالة فوضى إلى حالة دولة. خلال ما يقارب العام منذ يناير الماضي احتجزت عصابات القراصنة المتضامنة الناشطة في خليج عدن والمياه الواقعة شماله 38 سفينة. ومن بين هذا العدد أطلقت العصابات سراح 21 سفينة بعد أن حصلت على فدية مالية بملايين الدولارات من أصحاب كل منها.
ومن أحدث وأكبر «الغنائم» التي ظفر بها القراصنة ناقلة نفط سعودية طالبوا مقابل الإفراج عنها بفدية تبلغ 25 مليون دولار. وأول سؤال يطرح هو: حيث إن الغالبية العظمى للسفن التي تحتجز هي سفن تجارية تابعة لحكومات وشركات في دول كبرى فلماذا ظلت هذه الدول تنتهج سياسة مهادنة القراصنة وتدفع أو توافق على دفع الفدية مما شجع ويشجع عصابات القرصنة على تصعيد نشاطها وتوسيع نطاقه؟
أجل لقد أرسلت بعض هذه الدول قطعاً حربية بحرية إلى قبالة السواحل الصومالية بهدف «التصدي لهذه الظاهرة» كما تقول البيانات والتصريحات. لكن حتى الآن لا تنقل وسائل الإعلام العالمية إلا أخبار المزيد من عمليات الاختطاف والاحتجاز دون أن نسمع عن عمليات ردعية، لماذا؟
للولايات المتحدة مثلاً العديد من قطع الأسطول الحربية تجوب مياه البحر الأحمر وبحر العرب والمحيط الهندي لكنها تتفادى كما يبدو وقوع أي صدام مع عصابات القرصنة الصومالية.
وتفسير هذا الأمر الغريب هو أن واشنطن ترى أسلوب الهجوم العسكري في هذه الحالة «غير ملائم». يقول المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية: «تستطيع كل القوات البحرية في العالم نشر كل سفنها في تلك المنطقة لكن هذا لن يحل المشكلة البتة!».
لكن هذا التفسير لا يزيد القصة إلا غموضاً على غموض. ويبقى تفسير التفسير هو أن إشعال معارك في الأرض شيء.. وإشعال معارك في البحر شيء آخر.. خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن ميدان الاشتباك سيمتد على آلاف الأميال المربعة على المساحة المائية .. ومن الواضح أن الدول الغربية لا ترغب في إرسال قوات برية إلى الأراضي الصومالية لملاحقة عصابات القرصنة المسلحة خشية التورط في مستنقع قتالي كمستنقع العراق وأفغانستان.
يبقى إذن الحل السياسي. وهو حل يبدأ بسؤال مفتاحي: كيف يمكن إعادة الصومال إلى حالة «الدولة»؟ الحرب الأهلية هي التي أفضت بالصومال إلى حالة فوضى شاملة، والقوى الغربية هي التي تسببت في تسعير هذه الحرب. وعلى هذه القوى أن تتدخل سلمياً لإعادة بناء صومال تقوده حكومة وحدة وطنية ذات هيبة وقوة رادعة لتقوم بتصفية قوى الفوضى الداخلية. <