عبدالوارث النجري
النشاط الملحوظ بصورة غير عادية لأعمال القرصنة في باب المندب وخليج عدن لا يمكن أن تكون ورائه تلك العناصر الصومالية الظاهرة على الصورة وهي تحمل أحدث أجهزة الاتصالات والأسلحة، في الوقت الذي نجد فيه المئات والعشرات منهم يعرضون أرواحهم للموت بغية ركوب البحر والتسلل إلى السواحل اليمنية، لذا يجب على الدول المطلة على البحر الأحمر أن تدرك جيداً خطورة المخطط القادم على مياهنا الإقليمية والممرات الدولية وفي مقدمتها مضيق باب المندب، مع العلم أن أعمال القرصنة التي نوهت وحذرت من خطورتها اليمن قبل عدة سنوات لم تلقٍ أي اهتمام أو تحرك من قبل الأسرة الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي وأميركا وغيرها، التي تزامن اهتمامها المفاجئ بهذا الممر الدولي مع النشاط المفاجئ والغير عادي لأعمال القرصنة في المنطقة الأمر الذي يوحي بوجود ثمة علاقة أو هدف مشترك يربط الطرفين خاصة وأن هناك قرارات وتوصيات قد صدرت بضرورة حماية الممرات والملاحة الدولية من أعمال القرصنة، بحيث تسمح هذه القرارات للدول العظمى بالتواجد عسكرياً في هذا الممر الدولي الهام، في البداية قد يكون باسم حماية السفن والتجارة الدولية بالبحر الأحمر ولكن في المستقبل قد يكون هناك مرمىً آخر وأهداف منها جعل هذا الممر الدولي الهام ومنطقة البحر الأحمر والمحيط الهندي تحت سيطرة تلك الدول المتواجدة عسكرياً وقد يتطور الأمر إلى التفكير في إيجاد قاعدة عسكرية تحت يافطة محاربة القراصنة لذا على دول المنطقة بشكل عام البحث عن الأسباب الحقيقية لأعمال القرصنة ونشاطها مؤخراً وما علاقة المخطط الصهيو أوروبي أميركي إيراني الهادف إلى تقسيم دول المنطقة بذلك ولتدرك دول المنطقة من هو المستفيد الحقيقي في أن يظل الصومال ساحة اقتتال وحرب أهلية خلال قرابة عشرين عاماً على أرض لا دولة أو نظام يحكمها خلال تلك السنوات الماضية وما الذي يمكن أن تنتجه الحرب الأهلية في بلد يحتل ذلك الموقع الهام على ممر ملاحي هام مثل باب المندب، مع العلم أن اهتمام الأسرة الدولية بالكثير من دول العالم التي حصلت فيها الحروب الأهلية قد استثنى أرض الصومال وأبناءها حتى تلك المنظمات التي تتحدث عن حقوق الإنسان والحريات لم تجد لها معطى على أرض الصومال التي يعاني أبناؤها الأمرين منذ قرابة العشرين عام مرارة الحرب ومرارة الجوع، في الوقت الذي نجدها تتحدث عن الحرية العقائدية والدينية في السعودية ونتحدث عن حقوق الإنسان والاغتصابات والترشيد في دار فور وحرية الرأي وحقوق المرأة في العديد من الدول العربية والإسلامية فالأمر الهام الذي من الضروري والضروري جداً أن تدركه وتستوعبه الشعوب العربية والإسلامية قبل الحكومات والحكام، بأن ثمة مخطط استعماري جديد بلون الدم ورائحة البارود يستهدف الأرض والإنسان والعقيدة، يأتي بمسميات ومبررات جديدة وغير مقنعة لدى من يفقهون بالنظام العالمي الجديد، سرعان ما تكشف تلك المسميات والمبررات عن وجهها القناع لتظهر وجهها الإجرامي القبيح، إذاً فالموضوع ليس عشرات الصوماليين المسلحين على ظهور القوارب أو حتى السفن في منطقة خليج عدن والمحيط الهندي، بل الموضوع أكبر من ذلك بكثير يكتشف المتتبع أسراره وخيوطه بداية من الممول الحقيقي لتلك العناصر الصومالية المتواجدة وسط البحر وأمواجه ومن ثم السبب الحقيقي وراء غض الطرف عن تلك الأعمال التي يقومون بها منذ عدة سنوات ويتطور نشاطها فجأة خلال الأشهر الماضية يرافقه أيضاً اهتمام وتحرك دولي إعلامي وعسكري في الوقت الذي نعلم جيداً أنه لو كانت نوايا صادقة في محاربة القرصنة لما تجرأ أولئك العشرات من الصوماليين على التحرك في البحر وعلى مرأى ومسمع من القاعدتين البحريتين الفرنسية والأميركية المتواجدتين في المنطقة منذ عدة سنوات، في الوقت الذي تدرك فيه الدول العظمى وغيرها من الدول تشكو تضررها من أعمال القرصنة تدرك جيداً أن استقرار الملاحة في ذلك الممر الدولي الهام يتمثل في استقرار الصومال وانتهاء الحرب الأهلية وقيام دولية صومالية ذات سيادة تشارك فيها كافة القبائل الصومالية، صحيح أننا في اليمن أكثر معاناة ومشاكل كما يحدث في الصومال خلال السنوات الماضية وأيضاً من وجود قواعد عسكرية في هذا الممر الدولي لكن ما يجب أن تدركه بقية الدول المحيطة للبحر الأحمر أن الآثار الخطيرة والضارة لن تخص اليمن مستقبلاً بل قد تتوسع أو تنتقل لتشمل بقية الدول الأخرى، وعليه يجب على الجميع الوقوف صفاً واحداً للعمل على حل مشاكلنا بأنفسنا بعيداً عن الآخرين فهل ننتظر؟!. <