كروان عبد الهادي الشرجبي
من منا لا يعرف قصص المحبين القدامى وكذلك الشعراء الذين عانوا وذاقوا مر العذاب بسبب المحبوبة لدرجة أن بعضهم كان يفضل الموت على الابتعاد عن حبيبته وكلنا يتذكر قصة عبلة وعنتر تلك القصة الشهيرة والتي تعد مضرباً للمثل في الحب والوله والعذاب والشوق وفقد الحبيب والحرمان، فقد كان عنتر يتعذب من أجل أن يحظى بنظرة أو كلمة وكم من المرات كان يرسل الريح لها لتخبرها عن حالة ومدى ما يكابده في البعد عنها.
ترى لو عاش عنتر في هذا الزمن زمن الانترنت، هل كان سيحب عبلة ذلك الحب القديم أم سيحب إلى جانبها أخريات؟
لو عاش عنتر ابن شداد وعاصر زمن الانترنت لكان بإمكانه الجلوس أمامه وأن يتكلم مع عبلة بالساعات من خلال الشاشة الكمبيوترية وأن يراها دون أن تخرج من بيتها ودون أن يعرض نفسه للخطر بل ومن الممكن أن ترسل له رسائل "الإيميل" وقت ما تشاء دون وسيط يخشى منه أن يفضح أمرهما ودون ان تقع الرسالة في يد غريب.
ولكن يظل السؤال المهم هو هل كان عنتر سيظل على حبه لعبلة أم أن يده ستمتد للتعرف بفتاة أخرى؟ طبعاً لا بد أن تمتد يده على الأقل من باب الفضول ليتعرف بفتاة أخرى وربما أخريات وسيزداد فضوله أكثر لكي يتعرف على تلك بأن يراها لأن الزمن لن يكلفه كثيراً وسيظل يحاورها لساعات طويلة وتظن تلك المسكينة أنه واقع في حبها، وهكذا سيفعل مع أخريات لأن الأمر ببساطة يستحق لأنه أسهل "من شرب الماء".
وهكذا الأمر بالنسبة لعبلة هل ستظل على وفائها له؟ اعتقد أن الأمر سيان بالنسبة لعبلة، فإذا حدث ولم تجد عنتر للتحدث معه وقد تعودت للتحدث لساعات طويلة سوف تبحث عن عنتر آخر.
هذا هو واقع التعارف والحب عن طريق الانترنت ما هو إلا تسلية ومضيعة للوقت، بل أن الكثيرات يقعن ضحايا هذا الاختراع الذي أصبح يستعمل من قبل البعض بطريقة خطأ ولأغراض غير أخلاقية.<