عبدالوارث النجري
إن النوايا الصادقة في بناء الوطن والحفاظ على خيراته وأمنه واستقراره هي وحدها من ستخرجنا من الأزمات التي نعاني منها اليوم والتي جلها سياسية تكاد تتعلق وترتبط بسبب واحد وهو الضمير، بمعنى أن تلك الأزمات السياسية وسواء أزمة الانتخابات وعدم التوافق بين أحزاب المعارضة والحزب الحاكم، أو ما يجري في بعض المحافظات الجنوبية تحت مسمى "حراك الجنوب" أو تلك الممارسات التي تقوم بها عناصر الحوثي في بعض مديريات صعدة، كلها بلا شك تدخل في خانة "أزمة ضمير"، فلو صدقت نوايا الحوثي وعناصره في عملية إحلال السلام بمحافظة صعدة لما ظل يتخذ من المدارس الحكومية وبعض المساجد مقرات وثكنات عسكرية له ولأتباعه من المجرمين والمضلل بهم، ولو صدقت قيادات حراك الجنوب في نواياها لما سعت بإعادة بعض الحقوق المغتصبة إن وجدت من خلال إثارة الفوضى وإقلاق السكينة العامة وترديد الشعارات المعادية للوحدة أهم الثوابت الوطنية وحلم الآباء والأجداد، رغم أن هناك العديد من الطرق السلمية للمطالبة بكافة الحقوق والحريات التي أقرها الدستور والقانون، وفي الأخير لا يضيع حق وراءه مطالب، ولو كانت قيادات أحزاب المعارضة والحزب الحاكم في حواراتها وبياناتها وشعاراتها الجوفاء باسم الوطن لما ظلت خلال السنوات الماضية تتلاعب بمشاعر وعواطف العامة السواد الأعظم من أبناء الشعب وحشدهم للمهرجانات والمسيرات وكافة الفعاليات السياسية المتضادة، كل ذلك قبل أن تكلف نفسها بالسعي لإيجاد مشروع وطني يسهم بإخراج الوطن وأبنائه في هذه الدوامة وكافة تلك المنغصات التي تعكر صفو حياتهم كل يوم، ومن خلال ما سبق يمكننا أن نصل إلى نتيجة واحدة وهي أنه ومن خلال القضايا الثلاث التي تعد أهم الأحداث التي تشهدها البلاد على الأقل خلال العام الحالي 2008م تعد المصلحة الشخصية هي السبب الرئيسي لتلك القضايا وما خلفته من أحداث دامية وعدم الاستقرار العام للبلاد منذ بداية العام 2008م وما يمكن أن تحدثه بالوطن وأمنه وخيراته خلال الأعوام القادمة إذا لم توجد النوايا الصادقة والضمائر المخلصة لإصلاحها والقضاء عليها، فالمصلحة الشخصية البحتة التي تكمن وراء حركة وفكر الحوثي في صعدة كلفت ولا زالت تكلف الدولة الكثير من الخسائر البشرية والمادية، جاعلة من صعدة بلد غير آمن غادره أبنائه إلى غير رجعة إلى جانب ما خلفته الحروب الأربعة من دمار، كذلك هو الحال بالنسبة لقيادات ما يسمى "بحراك الجنوب" فلولا تلك المصلحة الشخصية التي تكمن وراء مطالبات قيادات الحراك لما ظلت تلك القيادات تسعى بديدنها لإثارة الفوضى والفتن وأعمال الشغب داخل مديريات لحج وأبين، وكذلك هو الحال بالنسبة للقيادات في اللقاء المشترك والحزب الحاكم، فهناك بلا شك قيادات داخل الحزب الحاكم وأحزاب المشترك، ترى هذا الحال الذي تمر به البلاد تحقق مصلحتها الشخصية البحتة، لكن هناك سؤال للكثير من النخب والمثقفين والمهتمين بما تمر به البلاد، هو ماذا بعد؟! اليوم هناك المهرجانات الحاشدة والمسيرات الجماهيرية، هناك من يدعو للانتخابات والمشاركة بها وهناك أيضاً من يدعو لمقاطعتها، لكن ماذا بعد هذه المهرجانات والمسيرات؟! وهل سيتكرر ما حدث يوم الأربعاء الماضي في ميدان التحرير؟! قلنا في موضوع سابق أن تلك المهرجانات ظاهرة صحية تؤكد الوعي الديمقراطي الذي يتمتع به شعبنا اليمني، لكن أن تتحول تلك المسيرات والمهرجانات إلى أعمال شغب وفوضى فهي بلا شك كارثة ووبال على الشعب والوطن، ضحيتها أبرياء من عامة الناس وتقف وراءها مشاريع عدوانية تستهدف اليمن بقناع الديمقراطية والتعددية السياسية، وعندما تتحول تلك المهرجانات إلى أعمال شغب وفوضى فإن المصلحة الشخصية هي الدافع الشخصي للقيادات الحزبية التي تحشد لمثل تلك المهرجانات وهذا ما نخشاه مستقبلاً، ما بعد المهرجانات والمسيرات لهذا الجميع والغالبة والعقلاء من أبناء هذا الشعب يرون بأن الحل لكل تلك الأزمات والمنغصات هو الجلوس على طاولة الحوار بنوايا صادقة ومخلصة بعيداً عن المماحكات واللهث وراء المصالح الشخصية الضيقة؛ لأن مصلحة الملايين من أبناء الشعب في استمرار الحوار، وتقديم الأمن والسلم الاجتماعي والاستقرار على كافة المصالح والأهداف الحزبية والشخصية وهذا ما نتمناه من قيادات الأحزاب في الحاكم والمشترك أن تعود إلى رشدها وتنظر إلى ما يجري اليوم على الساحة بنظرة وطنية صادقة تهدف إلى التقارب وعدم المكابرة والعمل بإخلاص للقضاء على كافة المنغصات ومشاكل وهموم المواطنين وما يصب في خدمة الوطن وتحقيق المصلحة العامة.