سراج الدين اليماني
في غمرة الأحداث السياسية وصراع أمم الأرض ينسى المسلمون أن الله نصر نوحاً عليه السلام لما دعاه: "إني مغلوب فانتصر" [القمر: 10] ونصر هوداً وصالحاً عليهما السلام على كثرة عدوهم وقلة ناصرهم من البشر كما هو الحال اليوم مع أهل غزة المكلومة والجريحة والتي تخلى عنهم حتى أقرب الناس إليهم، ونصر إبراهيم ولوطاً وسائر أنبيائه ورسله، ثم قال لهذه الأمة: "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم" [النور: 55].
وقد تحقق الوعد للمؤمنين من أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وكانوا في أمة لا ينظر إليها أحد إلا بعين الاحتقار والاستصغار، فإذا بهم يملكون فارس والروم واليمن وأفريقية، ويتوغلون في أوروبا، وذلك لما حقق القوم الشرط: "آمنوا منكم وعملوا الصالحات" حقق الله لهم الوعد فاستخلفهم في الأرض، وأعمل فيهم سنته في كونه: "كما استخلف الذين من قبلهم"، لكن الشيطان أغوى أجيالاً من بعدهم ففقدوا بتخليهم عن الوفاء بالشرط: "آمنوا وعملوا الصالحات" فقدوا تحقق الوعد، فإذا ببلادهم تهان من الكافرين والملحدين واليهود والمجوس والصليبيين وأعوانهم من المتمسلمين، فكان أن غاصت بقاع واسعة من بلاد المسلمين تحت الشيوعية ونارها، وبلاد أخرى تحت الصليبية وكفرها، وكان أخيراً أن وقع بيت المقدس أسير اليهود، إخوان القردة والخنازير قتلة الأنبياء والمغضوب عليهم الملعونين في كتاب رب العالمين فهل من عودة إلى العزة والنصر والتمكين؟
فأهل غزة أهل الصمود والعزة أهل الفداء والتضحيات بكل ما يمكلون من غال ونفيس هم الذين سوف يحققون الحلم المنشود وهم أمل هذه الأمة لأنهم وجاه العدو وأمام فوهة المدفع والدبابة وهم الأقرب لاصطياد العدو، ولكنهم بصمودهم هذا وتضحياتهم طيروا عقول الصهاينة المحتلين وأعداء الملة والدين الغاصبين من رؤوسهم، كيف ذاك؟ فهذا الصمود وبأبسط الوسائل الحربية يذكرنا بصمود الصحابة أمام فارس وكسرى والروم عندما كانوا يغزون المسلمين بجيوش عرمرمية تجوب أرض المسلمين من الشرق إلى الغرب ومن الجنوب إلى الشمال وبقوام عددي مهول والمسلمين عددهم بالمئات ومع ذلك يكون النصر حليفهم ويهزم الجمع ويولي الدبر فكانت تلك الجيوش ترضخ لهم وتستسلم مثل الإبل المناخة للبروك على الركب، فنحن اليوم وبمشاهدتنا لما يصير لإخواننا أهل غزة من قتل وتشريد وتجويع وفرض حصار عليهم ليس من قبل العدو الصهيوني ولكن من دول الطوق المحيطة بهم وهم أول من تجرع الويلات والدمار من قبل العدو لكنهم أذلوا شعوبهم معهم بهذه الطريقة وجعلوا كلمة الشعوب وكأنها غربة مخزوقة ينفخ فيها فيخرج الهواء عن طوره المراد له، وهؤلاء ممن ارتمى في أحضان العمالة ورضي بالدون والنذالة وباع إخوانه وفلذات أكباده بالشيكل والدولار فجعل أهل غزة يشعرون وكأنهم يعيشون غزوة الخندق والأحزاب وغيرها من الغزوات التي عاشها المسلمون الأول في القرن الأول ولكنهم بصمودهم وثباتهم استولوا على أملاك وقصور كسرى وقيصر والروم وسادوا في الهند والسند ونحن هنا لا نقول لأهل غزة لا بد عليكم بعد تحرير كل شبر من قطاع غزة أن تمتلكوا قصورهم ودورهم لا حاجة لنا بها وإنما نريد أن تحرر أرضنا في القطاع وتؤمن نسائنا من الانتهاكات المستمرة لعرضهن ولملمة كلمة أهل القطاع وجعلها تحت راية واحدة ونبذ كل صور الفرقة والتخاذل.
نصيحة ذهبية أقدمها لإخواني أهل غزة وغيرهم ممن يشاطرهم الحزن والأسى أن يحفظوا الله في السر والعلن، وأن لا يغفلوا عن ذكره إن هم أرادوا نصره فالنصر حليف أهل غزة.
فبالجباه الساجدة والأيدي المتوضئة والأنفس الزكية والأجساد المتطهرة والألسنة المحفوظة يقع النصر والتمكين بذلك يشعر كل أحد أن عليه واجباً نحو النصر، نحن القدس، نحو دماء المسلمين في غزة وفلسطين وغيرها من بقاع العالم، نحو ديار المسلمين، فليؤد كل أحد الواجب الذي عليه: "يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم" [محمد: 7].
فليؤد كل واحداً أمانته وليراقب الله في رعيته، لينصرنا الله ويمكن لنا في أرضه بديننا الذي رضيه لنا، ويبدل خوف إخواننا في غزة أمناً، وفقرهم غنى ليقيموا شرعه ويعملوا بدينه والله يؤيدهم وينصرهم على أبناء القردة والخنازير وأعوانهم من الصليبيين والملحدين والفرس المجرمين والحمد لله رب العالمين.
الباحث في شؤون الإرهاب
Searag aldeenJ2009 @ yahoo. com