طه العامري
المسيرات والتظاهرات الشعبية هي حق ديمقراطي لكن لهذا الحق ضوابط يجب مراعاتها وخاصة من قبل الحزب الحاكم الذي عليه أن يتحمل مسؤولية حماية السكينة العامة والأمن والاستقرار وعدم ترك الأمور الخلافية تأخذ مسارات صدامية تهز السكينة وتزعزع منظومة الترابط الاجتماعي الوطني , وما حدث خلال الساعات الماضية باسم الديمقراطية قد يكون مقبولا لكن لهذا القبول تبعات خاصة حين يتزامن الحراك والتفاعل الديمقراطي مع آخر من الحراك الذي يأتي على صورة رسائل مفخخة يذهب ضحيتها أبرياء من أبناء الشعب اليمني وليس هذا وحسب بل إن استغلال البعض للخلافات السياسية والحزبية القائمة بين الحزب (الحاكم) وأحزاب (المعارضة) في التعبير عن خياراته بالطريقة التي يؤمن بها وهي القتل والتفجير وأحداث دوي ديمقراطي يقلق الأمن الوطني والسكينة الاجتماعية ويقدم صورة عكسية ومبالغ فيها عن كل ما يعتمل داخل الساحة كل هذا يقع في نطاق مهام ومسئولية الحزب (الحاكم) ولجنته الانتخابية التي من حقنا جميعا التحفظ على إجراءاتها ومواقفها من مجمل العملية الانتخابية ناهيكم عن خطاب ومواقف اللجنة التي لم تميز بين دورها الوطني وبين واجب الحياد الذي يجب أن تلتزم به وأعضاؤها في سياق الجدل الحزبي القادم بين الحاكم والمعارضة ..
فاللجنة العليا تثبت بنفسها عدم ضلوعها في المسؤولية الوطنية بقدر من الجدارة والمسؤولية بدليل أن هناك الكثير من الظواهر التي برزت لتعبر عن قصور اللجنة ويكفي أن نأخذ عليها قيامها بتوزيع (أفلام تصوير) منتهية الصلاحية , فاللجنة ورغم الميزانية الهائلة التي خصصت لها إلا أنها قامت بتوزيع أفلام مخزونة لديها من الانتخابات السابقة وهذه الأفلام قد انتهت فترة صلاحيتها العام 2006م فإذا كانت اللجنة قد تصرفت هذا التصرف، الأمر الذي أربك مسار عملية القيد والتسجيل حيث كان المواطن يصل إلى المركز الانتخابي مقيداً أو ناقلا فيقال له من قبل اللجان "اذهب وأحضر صوراً جاهزة" فيذهب المواطن دون عودة لأنه غير مستعد أن يتكبد مشقة السفر مرة أخرى من القرية والعزلة إلى المدينة ليتصور إن كان قد قبل بمبدأ المشاركة للقيد بالعافية وبجهد الواعين لهذا الحق الوطني لكن تصرف اللجنة أفسد الكثير هذا في جانب واحد فما بالكم بما يصدر من أعضاء اللجنة العليا من تصريحات نارية بحق الآخر وكأن أعضاء اللجنة العليا وكلاء ومفوضين عن (الحزب الحاكم ) وهذا يفقد اللجنة حياديتها في هذا الجانب، فقط يحق لكل مراقب الطعن بنزاهة وشرعية اللجنة العليا وممارسة أعضائها الذين لم يطلب منهم الحزب الحاكم الظهور بهذا المظهر المبتذل في الممارسة والسلوك والتصرفات والمواقف ..!!
وعلى هذا علينا قياس المواقف السياسية ورد الفعل المعارض وهو مشروع ومكفول قانونيا لكنا فقط نلفت الأنظار بأن ثمة أطراف تتربص وهي تتصيد الأخطاء لتزرع الخطايا وتتخذ من الخلافات الديمقراطية المشروعة نافذة للقيام بأعمال غير مشروعة وعليه نحذر كل الأطراف المعنية في السلطة والمعارضة من مغبة التمادي في خلافاتهم حتى لا يتيحوا الفرصة للمتربصين باستهداف السكينة وإقلاق المناخ الوطني العام عبر سلسلة من الأفعال الغير مشروعة بدليل أن ما حدث يوم أمس الأول وتزامناً مع المسيرات المعارضة والمؤيدة من تفجيرات أودت بحياة مواطنين أبرياء وهو ما يجب أن يستوعبه أطراف المشهد ويدركوا فحوى الرسالة التي حملتها للجميع _ دراجة أبين_ وهي الدراجة التي قد تستدرج المشهد الوطني برمته إلى فخ الأزمة المفتوحة أن لم نعي هذا الجانب ونستوعب قانون الخلاف والجدل بحيث لا نتيح الفرص لكل متربص بأن يدلي بدلوه ويعبر عن قناعته بالطريقة التي يراها مناسبة وتتماشى مع خياراته وأهدافه ..
إن من الخطورة بمكان المضي في نزق الخلاف السياسي والجدل الحزبي دون الأخذ في الاعتبار فرصة استغلال هذا الخلاف والجدل من قبل من يريد ويرغب في الكيد للوطن واستهداف الحاكم والمعارضة معاً وكسر العصا فيما بينهم بحيث تأخذ الخلافات طريقا دموياً هو ما يجب أن نتجنبه وتعمل دون وقوعه وهذا تحذيرنا للجميع الذين عليهم أن يدركوا أن الديمقراطية هي توافق على الممكن المتاح وليست صناعة المستحيل , ثم إن الديمقراطية وسيلة للبناء والتنمية وليست وسيلة للدمار والخراب وقطع كل جسور الحوار والتواصل , كما أن عظمة الديمقراطية هي في الاتفاق والتوافق بين السلطة والمعارضة وليست في الخلاف والتناحر والديمقراطي الحقيقي هو من يؤمن بحق الآخر وليس الذي يؤمن بحقه وشرعية منطقة وحسب .!<