;

الصومال المنسي يذگـر بنفسه الصومال وإثيوبيا .. التداخل والصراع.. الحلقة الثالثة 772

2008-12-01 03:20:29

شكري عبدالغني الزعيتري

إن فهم العلاقات العربية الإثيوبية وما كانت عليه مقدمة أساسية لفهم العلاقات الإثيوبية الصومالية، حيث إن العلاقات الصومالية الإثيوبية ما هي إلا جزئية من جزئيات العلاقات العربية الإثيوبية. وإذا نظرنا إلى العلاقات العربية الإثيوبية بصورة مختصرة نجد أنها كانت علاقات تتسم بالجفاء والشكوك أحيانا وبالتوتر والصراع الباطني أحيانا أخرى وتتمرجح بين هذا وذاك وكل ذلك مغلف بمجاملة سياسية ولم تخرج هذه العلاقة من هذه الأطر في يوم من الأيام. وهناك عوامل أساسية تلعب دورا هاما في تحديد مدى ونوعية هذه العلاقة وهذه العوامل هي : (1) الصراع التاريخي بين السودان وإثيوبيا من جهة والصومال وإثيوبيا من جهة أخرى ومحاولة إثيوبيا سد أي مد إسلامي سواء كان عسكريا أو ثقافيا من هذين الجانبين. (2) ضم إثيوبيا لإريتريا وماتلا ذلك من حرب التحرير واستقلال إريتريا وصراع البلدين على الحدود وموقف الدول العربية من ذلك كله. (3) السياسات الإثيوبية نحو منابع نهر النيل وموقف مصر والسودان تجاه هذه السياسات. (4) العلاقات الإثيوبية الصومالية وتأثيرها على العلاقات العربية الإثيوبية. (5) العلاقات الإثيوبية الإسرائيلية. (6) السياسات الإثيوبية تجاه المسلمين في إثيوبيا. . . وبطبيعة الحال فإن علاقة كل دولة عربية بإثيوبيا لها وضعها الخاص في وقت معين وتحت تأثير عامل معين ولكن العلاقات العربية الإثيوبية في مجملها لم تخرج عن العلاقات التي اتسمت بالجفاء والشكوك أحيانا وبالتوتر والصراع الباطني أحيانا أخرى. وفي ظل هذه العلاقات تاتي العلاقات الجزئية الصومالية الإثيوبية فالمسلمون في الصومال كانوا القوة الوحيدة المساندة للممالك والسلطنات الإسلامية في صراعها مع ملوك وسلاطين النصارى في الحبشة في القرن الخامس عشر والسادس عشر. ولم تنشأ إثيوبيا الحديثة والنصرانية رسميا حتى عهد قريبا إلا بعد القضاء على الممالك الإسلامية وضمها إلى مناطق نفوذها عنوة وبالاستعانة بالقوى الاستعمارية في المنطقة، وهذا هو سر كون غالبية سكان إثيوبيا مسلمين مع أن الدولة مسيحية. ولان المناطق التي ضمت إلى إثيوبيا أجزاؤها الشرقية والجنوبية في منطقة كبيرة والمعروفة بإقليم أوغادين. وهذه منطقة صومالية بحتة وطالب بها الصومال عند استقلاله وعلى هذا الإقليم نشاء الصراع الصومالي الإثيوبي الحدودي وانفجرت حربان بين البلدين. ومنذ أواسط الثمانينيات وكل بلد منهما يحتضن ويدعم القوى المعارضة لنظام البلد الآخر. وبعد سقوط نظام سياد بري ودخول الصومال في دوامة الحرب الأهلية أصبحت إثيوبيا طليقة وحرة في تجاوز الحدود الصومالية إلى الداخل لضرب الجبهات الصومالية والأورومية المطالبة بالاستقلال عن إثيوبيا، وخاصة الاتحاد الذي تريد أن تجعل منه إثيوبيا تنظيم القاعدة الثاني، وذلك بحجة أن ليس في الصومال حكومة مركزية قوية تتحكم على حدود الصومال وحملتها في عام 1996 المشابهة للحملة الأميركية الحالية في أفغانستان معروفة لدى الجميع.

وكأحد أدوات ووسائل الصراع سعت إثيوبيا إلي إقامة علاقات مع بعض الفصائل الصومالية وتكونت لإثيوبيا علاقات خاصة مع الفصائل الصومالية المتنافسة، ولو أن ولاء هذه الفصائل لإثيوبيا يتغير من وقت لآخر حسب تغير ميزان القوى لصالح هذا الفصيل أو ذاك. وهدف إثيوبيا من هذه العلاقات ليس سوى المحاولة لهندسة الخريطة السياسية الصومالية وإقامة حكومة صومالية ليس لها طموحات في لعب دور معين في المنطقة ولا تثير الدعاوى الصومالية الشعبية ضد إثيوبيا. وفي فترة ظهور وسيطرة المحاكم الإسلامية علي معظم مدن الصومال عام 2005م ومع بروز ملامح ومؤشرات حكومة مركزية في الصومال بدأت إثيوبيا بمعارضتها لهذه الحكومة واحتضان ودعم معارضيها، وهم أعداء إثيوبيا سابقا، واتهام هذه الحكومة بأن لها علاقات مع التنظيمات الإرهابية والإسلامية الرجعية. وحسب تصريحات وزير خارجيتها ومسئولين آخرين والتي جاء فيها (( بأن إثيوبيا على استعداد لاتخاذ أصعب الخطوات وأمرها لإقناع هذه الحكومة بالتخلي عن هؤلاء الإسلاميين وإن لم يحصل ذلك فالمواجهة بكل الوسائل المتاحة. وبالنظر في الخريطة السياسية في الصومال لا بد من النظر في مسألة مهمة جدا في ما يتعلق بهذه الخريطة، وهي أن الخريطة السياسية غير ثابتة، بل هي خريطة ديناميكية قابلة للتحرك تبعا لتوازنات المصالح والمعارك العسكرية والتغيرات السياسية، وذلك لأن الخلاف في الأصل بين هذه القوى والفصائل ليس خلافا فكريا وإنما هو صراع على السلطة. وبالإضافة إلى الحكومة التي انبثقت عن مؤتمر المصالحة في جيبوتي هناك فصائل المعارضة والتي كونت المجلس الوطني للمصالحة في خطوة مضادة لتكوين الحكومة المركزية. (1) فصيل عيديد : يأتي في مقدمة هذه الفصائل فصيل محمد عيديد الذي يتمركز في المناطق الجنوبية ولا يمكن أن يرضى بأن يكون أقل من الرجل الأول في الصومال. وفي الفترة الأخيرة اتخذ عيديد من إثيوبيا مقرا غير رسمي وبدأ يلقي تصريحات معادية للحكومة يتهمها فيها بأنها تؤوي الإرهابيين. وتتخذ إثيوبيا من عيديد رغم عدائهما السابق حليفا قويا للتأثير على هندسة الخريطة السياسية في الصومال. (2) حكومة ((بونت لاند)) وهناك عبد الله يوسف وحكومته في ((بونت لاند)) في الشمال الشرقي الذي يتهم الشمال بالانفصال التام وأن حكومته ما هي إلا إقليمية ويؤيد الفدرالية كحل بديل عن الحكومة المركزية، ويمكن إرضاء جماعته بتعيين أحد أفرادها في منصب قيادي في الحكومة المركزية. (3) جمهورية أرض الصومال : أما على مستوى الشمال فهناك جمهورية أرض الصومال التي أعلنت الانفصال منذ انهيار الحكومة المركزية في مقديشو قبل عقد من الزمان ويرون أن ليس لهم حاجة في الجنوب وأنهم عانوا منه في السابق. وهذه ((الجمهورية)) لها علاقات وطيدة مع إثيوبيا وحققت نوعا من الاستقرار الأمني وشهدت نشاطا اقتصاديا لا بأس به وليس من السهل إقناعها إلا إذا حصلت على ضمانات قوية بأنها لن تعاني مما عانته من نظام سياد بري. (4) الحركات الإسلامية : إذا نظرنا إلى الحركات الإسلامية في هذا البلد كتيار سياسي واجتماعي فإن وجودها يعود إلى فترة الاستعمار وبدايات فترة الاستقلال، ولكنها لم تتبلور فكريا وسياسيا وتأخذ الطابع التنظيمي إلا في العقد الأخير من القرن العشرين وخاصة بعد عودة المبعوثين للتعليم في دول عربية كمصر والسودان والسعودية وتخرج جيل من المعاهد الإسلامية المحلية وبدئهم العمل في مجال التربية والتعليم. ولقد كانت هذه الحركات وخاصة تلك التي ترفع شعارات الإسلام منهج حياة موضع ضربات نظام سياد بري، وبلغت هذه الضربات ذروتها بالقتل الجماعي للعلماء والشباب الإسلامي في المساجد في النصف الثاني من الثمانينيات.

ومع سقوط نظام سياد ونزول الشعب الصومالي إلى الساحة بكل مآربه ومشاربه سنحت للحركات الإسلامية فرصة جيدة للتنظيم والتربية والتعليم. واستفاد الإسلاميون من الوضع الفوضوي في الصومال استفادة إيجابية، إذ تمكنوا إلى حد ما من ترك النزاعات القبلية جانبا والانخراط في التربية والتعليم وبناء مؤسسات مدنية وتوفير خدمات اجتماعية. كما أسهموا في فض الكثير من نزاعات القبائل والفصائل وأسسوا مؤسسات مالية وتعليمية بل ومحاكم شرعية أسهمت كثيرا في استقرار الوضع في مناطق نفوذهم وأصبحوا موضع ثقة الكثير من طبقات المجتمع الصومالي. وإذا نظرنا إلى الخارطة الصومالية فإننا نجد تمثيلا لكل توجهات وتيارات الحركة الإسلامية الموجودة في العالم العربي فهناك الإخوان المسلمون والحركات السلفية والجهادية والتبليغيه بل حتى الهجرة والتكفير ولو بصفة ضئيلة جدا وفي الفترة السنوات الثلاث الأخيرة الماضية اوجد تنظيم القاعدة لنفسه موقعا وأعضاء في الصومال. . . تابع بالعدد القادمة الحلقة الرابعة بعنوان (الصومال والمحاكم الإسلامية). <

Shukri_alzoatree@yahoo. com

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبدالملك المقرمي

2024-11-29 03:22:14

نوفمبر المتجدد

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد