;

گل هذه الصراعات من أجل السلطة والثروة!!! 632

2008-12-14 05:33:35

د. عبدالله الفضلي

-جُبل الإنسان منذ الأزل على حب الاستحواذ على الأشياء الجميلة أو الثمينة أو الأشياء النادرة والاحتفاظ بها لنفسه والاستئثار بها دون غيره من أقرانه أو منافسيه أو عشيرته أو أقربائه وكان قابيل قد بدأ هذا المبدأ حينما أحب الاستئثار بشقيقة هابيل أخيه ليتزوج بها دون أخيه الذي هو أحق بها من قابيل لكونها فتاة جميلة فقط وعلى هذا الأساس سارت البشرية على مر العصور والأزمنة والحقب على هذا المبدأ، إن كل شيء ثمين أو له قيمة أو جمال أو ما شابه ذلك فهو من حق الإنسان القوي خاصة حينما تكون هذه الأشياء او المميزات في أيدي عاديين وحينما يعلم الملك أو كبير القوم أو زعيم إحدى الجماعات بهذه الأشياء يقوم بانتزاعها من أيديهم بالقوة وبالغضب كما كان عليه الحال في قصة الملك الذي كان يأخذ كل سفينة غصباً من الفقراء كما جاءت قصته في سورة الكهف، أو في قصة نبي الله داوود عليه السلام حينما جاءه الخصمان يحتكمان إليه حينما قال أحدهما ان هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال اكفلنيها أي أعطها لي وضمها إلى نعاجي واذهب إلى حال سبيلك.

وهكذا استولى الاستعماريون على دول وممالك وشعوب ومناطق وممرات مائية وغابات بالقوة بالغصب وكانت هذه الأماكن تنتمي الى أقوام وجماعات وشعوب ودول فقيرة مستضعفة وكان لهذه الأماكن مكانة وتاريخ وثروات ومزروعات وغابات وأشجار وذهب ونحاس وكاكاو ومناجم ذهب ويوراينوم، ابى الاستعماريون الا ان تكون هذه الأماكن في حوزتهم وتعد جزءاً من ممتلكاتهم وان أصحاب هذه الأماكن والجزر والممرات والغابات لا يستحقونها لأنهم ضعفاء وهمجيون وسذج وأغبياء وحمقى وهكذا توطد هذا الشعور لدى الكثير من دول العالم التي لا تريد إلا الاستحواذ على الأشياء لنفسها دون غيرها وتعتبر ان هذه الأطماع ليست من حق احد إلا من حقها وحدها.

-وإذا ما أمعنا النظر فيما يجري الآن من أحداث وصراعات سياسية واقتصادية واجتماعية وعلمية وعسكرية بين كثير من الدول من الملل والنحل والشعوب والدويلات لوجدنا ان كل ما يجري من صراع فهو كله من أجل الاستحواذ والاستيلاء على أغلى الأشياء وأثمنها وأجملها.

-إن ما يجري من صراع دموي في كل من تشاد والصومال والسودان ولبنان وفلسطين والعراق هو صراع من أجل الوصول إلى السلطة العليا في الدولة والاستحواذ على كل شيء في يد الآخرين والتمتع بها خاصة ونحن نعيش عصراً وزمناً فاسداً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

-فالصراع السوداني المرير والطويل قد أفضى في نهاية الأمر مع الجنوبيين إلى اقتسام الثروة بعد ان قدموا ضحايا من البشر تعد بمئات الآلاف في سبيل الوصول إلى هذه الغاية الدنيوية.

-وما يجري الآن من صراع دموي في دارفور هو صراع من أجل اقتسام الثروة والسلطة ولكن على رؤوس جماجم آلاف المواطنين العاديين أو العسكريين المجندين فهم ضحايا وقرابين لأمراء الحرب.

-وما يجري في فلسطين العربية من صراع بين جناحي السلطة ليس صراعاً من أجل الشعب الفلسطيني أو صراع من أجل تحرير فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي أو صراع من أجل تحرير القدس أو من أجل بناء دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس أو صراع من أجل تحرير السجناء والمأسورين ولكن الصراع الجاري هو من أجل الاستحواذ والاستيلاء على السلطة لا أقل ولا أكثر والوصول إلى أعلى قمة التحكم والسيطرة والاستيلاء على ممتلكات الدولة أياً كان نوعها.

-فحركة حماس نست وتناست أنها لم تنشأ إلا في ظل منظمة التحرير الفلسطينية وقد تناست شهداءها ومناضليها الذين ضحوا بأنفسهم من أجل تحرير فلسطين ولم يكن في أهدافهم الاستيلاء على السلطة أو الاستحواذ على كل شيء وبما أنهم قد وصلوا إلى أعلى سلطة في الدولة فقد طعموا حلاوة الحكم وبريقه وهيلمانه فهم على استعداد لعمل أي شيء من أجل البقاء في السلطة ومنها اللجوء إلى الاغتيالات والاختطافات وسفك الدماء للأبرياء والقيام بأعمال مسيئة لسمعة الفلسطينيين وتحقيق أهداف تسر إسرائيل وتثلج صدور بني إسرائيل لأنهم يقومون بأشياء عجزت إسرائيل عن القيام بها فأوكلت المهمة إلى حماس وميليشياتها للقيام بهذه الأعمال ومنها الاقتتال في الشوارع.

- فحركة حماس مرتبطة بقيادات إسلامية عربية تستمد منها قوتها وصلابتها وعنادها وتتلقى منها الإملاءات ماذا تقول وماذا تعمل ومنها عدم تنفيذ الاتفاقات والوعود مع شركائها في منظمة التحرير الفلسطينية وكل مرة تنكث ما أبرمته من تعهدات واتفاقات صلح وأصبحت قاب قوسين أو أدنى لأن تكون البديل الشرعي والحقيقي لمنظمة التحرير الفلسطينية وأنها قد باتت الممثل الوحيد والشرعي للفلسطينيين منذ ان قال الشعب الفلسطيني كلمته وانتخب حركة حماس كممثل شرعي في انتخابات ديمقراطية نزيهة ولذلك يزداد تمسكها بالسلطة يوماً بعد يوم مهما كانت بعد ذلك النتائج حتى ولو كان الصدام المسلح والحرب الأهلية هي الوسيلة الوحيدة امام حماس للبقاء في السلطة.

-أما الطرف الثاني من الصراع الفلسطيني فهو الذي يقوده الرئيس أببو مازن وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الذين حاولوا الالتقاء والتحاور وإبرام الاتفاقات مع حماس أكثر من مرة ولكن دون جدوى مما أدى إلى تشدد الصقور في جناح المنظمة كمحمد دحلان والرجوب وصائب عريقات الذين يرون ان ما حل بالشعب الفلسطيني من خراب ودمار وحصار وتشريد هو وصول حماس إلى السلطة وعدم اعترافها بكل الاتفاقات المبرمة مع إسرائيل وهكذا نجد ان كل أطراف الصراع الفلسطيني تحركه دوائر وإملاءات خارجية وإسرائيلية الهدف منها تأجيج الصراع واحتدام المواقف وتصادمها ومن ثم الاقتتال في الشوارع والانفجار الكارثي الذي تنتظره إسرائيل بفارغ الصبر.

-وفيما يتعلق بالصراع الصومالي فكلنا يدرك ما حصل وما حدث وكيف ان الحكومة الصومالية المؤقته الهشة قد فرت من العاصمة مقديشو وحصرت نفسها في مدينة بيداوا وهي حكومة ضعيفة وعاجزة عن فعل أي شيء وقد استغلت المحاكم الشرعية ذلك الضعف والتهالك للحكومة المؤقتة والانزواء في أطراف الصومال فاجتاحت كل المدن الصومالية على حين غفلة من الحكومة المنكسرة وأحكمت سيطرتها وبدأ الناس يتعاطفون مع المحاكم الشرعية خاصة وهي تحمل مشروع الأمن والأمان والاستقرار والقضاء على عصابات وأمراء الحرب في الصومال وتوفير كل سبل الراحة والرخاء للصوماليين، وان هي إلا شهوراً معدودة إلا وقد أصبحت المحاكم الشرعية في خبر كان وأصبحت هي المطاردة والملاحقة بعد تدخل القوات الأثيوبية والأميركية في هذا الصراع، وكان من اكبر أخطاء المحاكم الشرعية هو تسرعها وتهورها وتصريحاتها المبالغ فيها بأنهم بعد السيطرة على الصومال سيجتاحون أديس ابابا وكان من المفترض ان تتشاور المحاكم الشرعية وتنسق مع أثيوبيا بدلاً من استعدائها وكانت النتيجة هي أنها فرت من أرض المعركة ولم تعقب وكأنها لم تكن، وكان كل هدفها هو الوصول إلى الحكم والتربع على عرش الصومال المتهالك تحت شعار ومظلة الإسلام بصرف النظر عن الآف الضحايا من الصوماليين المطحونين في الأصل بين سندان أمراء الحرب ومطرقة المحاكم الشرعية.

-أما الصراع اللبناني فهو صراع من طراز جديد في ظاهره صراع طائفي وديمقراطي إلا أن باطنه الوصول الى السلطة وتحقيق مآرب ومكاسب معينة، فحزب الله لديه شغله والحريري وكتلته لديه شغله والعماد لديه شغله وجنبلاط لديه شغله وسمير جعجع والسنيورة لديهم شغلة أخرى، وكل الشغلات اللبنانية معقدة وشائكة كل يغني على ليلاه فحزب الله لديه مبرراته للتغيير في لبنان لاعتبارات مهمة ومستجدات فرضتها الأحداث الأخيرة خاصة بعد الانتصار الكبير على إسرائيل في صيف 2006م وان الأغلبية البرلمانية الحالية لم تعد صالحة في الوقت الحالي ولم تعد مقبولة لدى الجانب الآخر بحكم ما أفرزته الحرب من تحالفات وتباينات مما أدى إلى تدخلات خارجية زادت الموقف اللبناني تعقيداً واشتعالاً وتحول اللبنانيون إلى أبواق إعلامية يكيلون الاتهامات المتبادلة لبعضهم بعضاً وينشرون المثالب والأخطاء والتجريح والمد والجزر والشد والجذب وكل يدعي انه على حق وسوف يصعدون المواقف فيما بينهم الى سطح صفيح ساخن ليس أمامهم من حل أو مخرج إلا الاتجاه والاحتكام الى السلاح وهو الحل الذي تعمل الدول العظمى وإسرائيل على تأجيجه وإذكائه وإشعاله لتدخل لبنان في دوامة وحلقة مغلقة وصراع دموي لا يحمد عقباه وكل ذلك يجري من أجل الوصول إلى السلطة والاستحواذ على الحكم.

-وما يجري في تشاد من صراع الثعالب والذئاب والكونغو هو أيضاً نوع من الصراع السياسي والعسكري للوصول إلى الحكم فهذا الرئيس وميليشياته ينتصرون على الفريق الآخر فيصلون إلى السلطة ويستأثرون بها لوحدهم دون السماح للآخرين في مشاركتهم في هذه السلطة فيضطر الفريق الآخر المهزوم إلى تشكيل جيش وعصابات وجنجويد فيهاجم بها عقر الرئيس المتربع على السلطة فينتصر ويطرد الرئيس السابق فيقوم الرئيس المطرود بدوره بتشكيل عصابات وجنجويد والتقدم نحو العاصمة وهكذا إلى مالا نهاية؟

-وكل تلك الصراعات الدموية التي تم الإشارة إليها من أجل الوصول الى السلطة الملعونة والضحايا هم فقراء هذه الدول والمغرر بهم لدى كل طرف؟

-وأخيراً وفيما يتصل بالعراق والصراع الدائر هناك فهو أيضاً صراع سياسي وديني وطائفي وعرقي من أجل الوصول إلى السلطة والاستحواذ على الثروة وصراع دموي فاق كل صراع آخر في العالم لأن المحتل الأمريكي قد خطط لغزو العراق واحتلاله ونجح في ذلك وخطط لإذكاء الصراع الطائفي بين العراقيين ولكنه لم يخطط للخروج من العراق لما بعد الاحتلال ولما بعد سقوط صدام وإعدامه ولم يقرأ بوش التاريخ العراقي جيداً ولذلك الله وحده يعلم كيف ومتى ستنتهي هذه الصراعات وهل سيبقى من الشعب العراقي مواطن واحد أم أن نار الحقد والانتقام والتصفيات ستلتهم الجميع وبلا استثناء؟؟

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبدالملك المقرمي

2024-11-29 03:22:14

نوفمبر المتجدد

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد