ممدوح طه
فيما بدأت المظاهرات الشعبية العربية تتحرك على الأرض في مصر والأردن وسوريا ولبنان واليمن والسودان والمغرب وموريتانيا تطالب النظام العربي الرسمي بإجراء عملي وفوري لكسر الحصار العبري والعربي الظالم المفروض على الشعب الفلسطيني في غزة.
وفيما صرح السفير هشام يوسف باسم الأمين العام للجامعة العربية بالقول: لم يقم الجانب العربي بجهد كافٍ في التعامل مع موضوع الحصار، ونحن نشاهد يومياً مزيداً من المآسي ونأمل بأن تتمكن الدول العربية من اتخاذ خطوات أكثر حسماً لفك الحصار عن قطاع غزة.
بدأت أول مظاهرة بحرية شعبية عربية شجاعة في الانطلاق من الموانئ العربية في طريقها إلى ميناء غزة الفلسطيني في أول زحف شعبي بحري، بعد نجاح المبادرة الشعبية الأوروبية في الاختراق الرمزي للحصار الصهيوني بالسفن المدنية عبر ثلاث رحلات بادئة بسفينة «الحرية» التي انطلقت من ميناء ليماسول القبرصي في مغامرة نادرة.
وبالمحاولة الشجاعة لسفينة «المروة» الليبية، أول سفينة عربية، تنجح في كسر حدة البداية لكسر الحصار الظالم المفروض عبرياً وعربياً على مليون ونصف إنسان، انطلاقاً من ميناء «زوارة» الليبي متوجهة إلى ميناء «غزة» الفلسطيني، حاملة آلاف الأطنان من الغذاء والدواء وعشرات الأشقاء الليبيين أنصار حقوق الإنسان، لكن السفن الحربية الإسرائيلية دفعت السفينة المدنية العربية بالقوة إلى «العريش» المصرية بدلاً من غزة الفلسطينية!
لكن المبادرة العربية الليبية الأولي وإن لم تنجح في اختراق الحصار، إلا أنها كانت أول الغيث العربي، فالبقية تأتي، بالمبادرة الشعبية القطرية بانطلاق أول سفينة تضامن خليجية إلى غزة، وبالمبادرة الشعبية الأردنية في أول مبادرة برلمانية عربية بإبحار سفينة أردنية من ميناء «العقبة» إلى ميناء غزة لكسر الحصار، فيما تستعد «سفينة العيد» الفلسطينية التي للإبحار من ميناء يافا الفلسطيني إلى ميناء غزة الفلسطيني في أول مبادرة من فلسطينيي48 إلى فلسطينيي 67!
والأمم الحية والشعوب الحرة لا تواجه التحدي بلا استجابة، ولا العدوان بلا دفاع، ولا الاحتلال بلا مقاومة، ولا الفرض لإرادة غير عادلة أو غير عاقلة إلا بالرفض ولا فرض لحصار عدواني بالقوة على شعب من الشعوب إلا بكسر لهذا الحصار الظالم بكل وسائل القوة السياسية والاقتصادية والإعلامية والعسكرية إن لزم الأمر، ولا يسلم بهزيمة أو يستسلم لشروط المحتلين، مهما بلغت التضحيات، ومهما غلت الأثمان. .
ذلك أن هذه الأمم والشعوب تنتصر للمظلومين ولا تتواطأ مع الظالمين، وتنحاز للمبادئ والقيم العليا، وليس لأوهام المصالح الدنيا أو العليا، فما بالكم إذا كان هذا الشعب المغتصبة أرضه والمطرود شعبه من وطنه والذي يتعرض للتجويع في غزة الصامدة لفرض التركيع عليه هو شعب عربي شقيق يقاوم وحده و يتحمل وحده تكاليف الدفاع عن مقدسات كل أمة العرب وكل أمة المسلمين في فلسطين !
والأمم الحية لا تقبل ولا تعقل مداهنة أو مهادنة ولا معانقة أو مصافحة من الرموز السياسية العربية أو الدينية الإسلامية مع القتلة والمعتدين المحتلين، كما لا تقبل ولا تعقل تصدير الغاز المصري لإسرائيل إشاعة للدفء والضوء للإسرائيليين بينما هم الذين يحرمون الفلسطينيين من كل دفء ومن كل ضوء. كما لا تقبل ولا تعقل منح تأشيرات الحج لحجاج الضفة ومنعها عن حجاج غزة، فالحوار مع العدو والقطيعة مع الشقيق، والمودة مع العدو والخذلان للشقيق لا يمكن أن تكون مقبولة أو معقولة لدى الرأي العام العربي والإسلامي.