شكري عبدالغني الزعيتري
تشهد الصومال منذ عام 1991م حالة من الفوضى وعدم الاستقرار بسبب صراعات قبلية وحروب أهلية أدت إلي تدمير البني التحتية للبلد وتأزم الوضع الاقتصادي والاجتماعي . كما أن الفترة ما بين 1991م واليوم اتسمت بغياب المؤسسات الحكومية وفقدان الأمن والأمان وتفكك الترابط الاجتماعي وتفشي الجرائم كما تعرض الصومال أيضا لتخلف مواسم الأمطار وتذبذبها مما جعل البلاد عرضة لخطر محدق زاد هذا الخطر اعتماد معظم السكان على الري البدائي والزراعة المطرية كحرف للعيش وقد حذرت وكالة الإغائه الدولية من حدوث كارثة إنسانية وشيكة في الصومال الذي عصفت به الحرب الأهلية والأوضاع المأساوية الراهنة وقد أفاد مسئولون إنسانيون أن الصومال يسير بشكل أسرع من المتوقع نحو أزمة إنسانية خطيرة إذ يعاني حوالي ثلاثة ونصف مليون شخص في مدن الصومال وقراها من فقر مدقع وقد أفادت وحدة الأمن الغذائي في الصومال والتابعة لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو ) إذ وصفت الوضع الإنساني في الصومال بأنه أسوأ الأوضاع في العالم وقالت المنظمة في تصريح لها يوم 26 / أغسطس 2008م بأنه خلال النصف الأول من العام 2008م (الستة الأشهر الماضية) بأن عدد الأشخاص الذين هم بحاجة لمساعدات إنسانية عاجلة ارتفع إلى نسبة (77%) قرابة اثنين مليون من إجمالي ثلاثة ونصف مليون شخص . وقالت أن واحد من بين كل ستة أطفال دون عمر الخامسة يعاني من سوء تغذية شديد وان هذا العدد في تزايد . كما أن مليونين شخص صومالي يواجهون خطر الموت جوعاً وفي غضون أشهر ما لم يتم إسعافهم بصورةٍ عاجلة وذلك جراء المجاعة التي حلت بالصومال اثر موجةٍ من الجفاف الطويل الذي خيم على البلاد نتيجة عدم انتظام هطول الأمطار التي تسقط موسمياً لتحتبس موسمين متتاليين أو أكثر. كما أن الجفاف قضى علي أعداد كبيرة من الماشية لانعدام المياه والمرعى وأن نحو 12 ألف شخص من بين مليونين من المتضررين من الجفاف يتوقع موتهم شهرياً ما لم يتم مدهم بالمعونات المطلوبة من غذاء وماء ودواء . وقد ازداد الأمر سوءاً في السنوات الأخيرة جراء الصراعات المحتدمة بين الفئات المتناحرة داخل الصومال مما فاقم معاناة السكان جميعاً. كما اضطرتهم هذه الظروف الصعبة للاستغناء عن مصدر عيشهم الأساسي (الماشية) بعد أن عجزوا عن توفير المياه والكلأ لها. لقد أصبح الإنسان وماشيته يواجهان الموت بمعدلات تتم بإيقاع سريع جراء هذه المجاعة في ظل معطيات الأوضاع الراهنة بسبب شحة الأمطار وانهيار وتضاؤل المساحات الزراعية إضافةً إلى النزوح المستمر جراء الحروب الأهلية، وذلك من منطقة إلى أخرى مما يساعد على تفاقم المشاكل وتضاعف سعر الغذاء الرئيسي (الذُرة) إلى أكثر من خمسة أضعاف مما زاد الوضع سوءاً واضطر الأهالي إلى سد الرمق بأوراق الشجر .... تابع بالعدد القادم الحلقة التاسعة والأخيرة بعنوان (الصومال والقرصنة البحرية )
نستقبل أراء القراء للكاتب على البريد الالكتروني للكاتب
Shukri_alzoatree@yahoo.com
