احمد عمرابي
من الطبيعي أن ترحب إسرائيل بقرار دولي فارغ المضمون ويخلو من أية إشارة مباشرة أو غير مباشرة تدعو إلى وضع نهاية للاحتلال الإسرائيلي. لكن كيف نفهم ترحيباً فلسطينياً حاراً بمثل هذا القرار؟
صدر القرار عن مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي بناء على مبادرة أميركية، ومشروع القرار يثني على عملية المفاوضات الجارية بين قيادة السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية، وبينما الثابت والمرئي والمسموع لا يفيد إلا بأنها عملية وهمية فإن الهدف الأميركي من وراء المشروع يدخل في باب فن العلاقات العامة بالإيحاء على مستوى عالمي بأن العملية التفاوضية حية وجادة وتحرز تقدماً مما ينعكس ايجابياً على صورة إسرائيل الدولية.
والسؤال الذي يجب أن يطرح في هذا السياق هو متى كانت الولايات المتحدة تقيم وزناً لهيئة الأمم المتحدة إلا بما يخدم أهواءها وأهواء الدولة اليهودية الحليفة؟ في مقالة نشرت عام 1992 قال المفكر السياسي الأميركي فرانسيس فوكوياما: الأمم المتحدة تخضع للولايات المتحدة كأداة للأحادية الأميركية، فعندما تبدي المنظمة الدولية معارضة ما فإن واشنطن تتجاهلها.. أو تحبط مساعيها باستخدام سلاح الفيتو.
ويسجل التاريخ القريب أن كافة محاولات الأمم المتحدة في عام 1982 لوقف المذابح الإسرائيلية، في لبنان من خلال عملية الغزو الضاربة التي قادها الجنرال أرييل شارون وزير الدفاع آنذاك أحبطها الفيتو الأميركي، وفي ديسمبر عام 2002 صوتت الولايات المتحدة ضد مشروع قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة يدين إجراءات إسرائيل لضم القدس.
ولم يشارك أميركا في رفضها مشروع القرار سوى إسرائيل ودولة كوستاريكا المغمورة. على خلفية الماضي وإزاء الحاضر كان غريباً ترحيب السلطة الفلسطينية بمشروع القرار الأميركي المراد منه خلق ترويج عالمي بأن إسرائيل لا تنشد سوى السلام مع العرب وأن الولايات المتحدة تشهد على ذلك.
قال الناطق الرسمي باسم السلطة الفلسطينية نبيل أبو ردينة في بيان رسمي إن القرار الذي تبناه مجلس الأمن الدولي «مشجع.. لاسيما أنه يدعو لاستمرار عملية السلام.. ويحافظ على الأمل في السعي نحو السلام».
مثل هذا القول يدعو إلى تساؤلات في مقدمتها الآتي: لماذا لا تطالب قيادة السلطة الفلسطينية برد القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة وقراراتها السابقة التي تتجاهلها إسرائيل عمداً بدعم أميركي؟ إذا كانت إسرائيل جادة حقاً في استمرار عملية السلام فلماذا ترفض مشروع المبادرة العربية التي لا تضمن لها السلام فحسب كدولة يهودية بل تضمن لها أيضاً تطبيعاً عربياً شاملاً وكاملاً؟ ولماذا تشاركها الولايات المتحدة هذا الرفض؟ إسرائيل وأميركا تتشاركان في عملية خداعية كبرى فما هو موقف السلطة الفلسطينية في هذه العملية؟ .<