كروان عبد الهادي الشرجبي
شغلتنا في الفترة السابقة أحداث غزة وكان لزاماً علينا أن نتعايش مع الواقع، أما وقد أنزالت الغمة نوعاً ما وعادت السكينة إلى أهالي غزة الأبطال، عادت إلينا سكينتنا، وها نحن نتواصل معكم بعيداً عن المأسي والمواجع.
* * *
من منا لا يعرف المقاهي، فالمقاهي في الدول العربية لعبت دوراً ثقافياً وفكرياً وسياسياً بارزاً لأنها لم تكن مجرد مقاهي وهي حتى وقتنا الحاضر ليست مجرد مكان يلتقي فيه الناس، بل هي مكان أو مقر للمثقفين ومبدعين وسياسيين، وهناك مقاهي تعتبر منابر لنقاش ديمقراطي متنوع.
من منا لا يشاهد التلفزيون "لا أحد"، وطبعاً الأفلام المصرية القديمة التي كانت تتحدث عن الثورة والثوار كنا نرى أن تجمع هؤلاء القادة والسياسيين يتم في المقاهي.
فالمقاهي صورة حية عن واقع المدينة والتفاصيل الحياتية فيها.
ونحن في اليمن لم نسمع يوماً عن مقهى من المقاهي يضم فئات وشرائح مختلفة من الناس، ولم نسمع أبداً عن مبدعين وسياسيين أو مفكرين كانوا روداً لأي من المقاهي الموجودة، فكل مقاهينا شعبية لأبعد درجة ولا يجلس فيها أحد إلا ليشرب شيئاً ويذهب وكأن الثقافة أصبحت محرمة.
ولكن من يعيش في اليمن يعرف أن هناك تجمعات أخرى للناس غير المقاهي وهي "مبارز القات" ويضم كل "مبرز" فئة وشرائح معينة، ولكن مع تناول "شجرة القات" هل سيكون هناك أي حوار ثقافي أو فكري؟ طبعاً لا، لأن بوجود تلك الآفة اللعينة لن تكون لدينا مثل تلك المقاهي التي نتمنى أن توجد لأنها ستعمل على التواصل بين المثقفين والمبدعين والسياسيين أيضاً.
لأن المقاهي تعكس حال المدينة وفضاءها الاجتماعي والثقافي والسياسي.