شكري عبدالغني الزعيتري
في ابريل 1940م أعلن (جون دننغ) انه تمكن من فصل مقادير زهيدة جدا من النظير (235) لليورانيوم باستعماله مطياف الكتلة الذي تستخدم فيه حقول كهربائية ومغناطيسية لفصل النوى ذوات الكتل المختلفة. وقد استطاع بفصل هذه المقادير الزهيدة التأكد منأن النظير (235) لليورانيوم هو الذي ينشطر فعلا وليس النظير (238) وتركز الاهتمام عندئذ علي كيفية فصل مقادير كبيرة من النظيرين (235) و( 238) المختلطين ضمن اليورانيوم الطبيعي وقد جربت في هذا المجال عدة طرق تستند كلها إلي الفرق بين كتلتي النظيرين (235) و( 238) وكان من هذه الطرق الانتشار الغازي عبر غشاء النواة الانتشار الحراري الغازي والفصل بالقوة النابذة والفصل الكهربائي المغناطيسي ويعتبر اليورانيوم من المواد المشعة. . . . وإذ أن المواد المشعة الطبيعية متواجدة في كل الظروف وبحالات متعددة ملائمة للوسط الفيزيائي والكيميائي في القشرة الأرضية والمواد السائلة (النفط ) وفي عناصر البيئة منذ نشوء الأرض إلا أنها تتواجد بتفاوت من مكان لآخر وتلعب الظروف الجيولوجية والمناخية دورا في توزيعها وتركيزها. ومهما بلغت كمية هذه المواد المشعة الطبيعية فإنها لا تشكل خطرا علي حياة الإنسان في الحالات العادية والإشعاعات الناجمة عنها غير ضارة ومتوازنة وبحدود ثابتة. وقد أكد العلماء علي أهميتها في توليد الطفرات الجنية وتطور الحياة. . واهم المواد المشعة الطبيعية المنتشرة في محيط الإنسان وعناصر البيئة هي سلسلة (اليورانيوم والثوريوم والبوتاسيوم المشع ) وكذا المواد المتحللة مثل ( الكربون 14 ونظير الهيدروجين المشع ) وغيرها وهي تشترك مع بقية العناصر بنسب متفاوتة في تكوين السلسلة النباتية والحيوانية التي يتغذي عليها الإنسان وبالتالي فان الكائنات الحية ومنها الإنسان أجسام حاملة للإشعاع الطبيعي والذي يعرف بالتشبع الداخلي. . وقد ظل المستوى الإشعاعي للمواد المشعة الطبيعية حتى بداية اكتشاف النشاط الإشعاعي الصناعي وإنتاج الطاقة الذرية من عنصر (اليورانيوم) في أربعينيات القرن الماضي. حيث أدت حاجة الإنسان للتطور خاصة في الدول الصناعية إلي تنامي البحث عن مصادر جديدة للطاقة فاعتمدت هذه الدول على الوقود النووي لتشغيل المفاعلات لإنتاج الطاقة النووية واستخدامها في إدارة الطاقة النووية. ومن هنا بدأ إحداث الاختلال في التوازن الإشعاعي الطبيعي. . وظهرت مواد مشعة ناتجة عن الانفجارات النووية فمثلا عند انفجار قنبلة انشطار نووي قوة (20) كيلو طن تنتج المواد المشعة التالية : (أ) نواتج انشطار طويلة العمر مثل : ( كربتون 85) و ( سترونشيوم 90 ) و (تكنسيوم 99 ) و ( روثنيوم 106 ) و (سيزيوم 134 ) و (سيزيوم 137 ) و(سيزيوم 144 ) و(بروميثيوم 147). (ب) نواتج انشطار قصيرة العمر مثل : (سترونشيوم) و(ايتربوم 91) و(زركونيوم95 ) و (موليبدنيوم 99 ) و(روثينيوم 103 ) و(يود 131 ) و(تيلوريوم 132 ) و(رينون133 ) و(باريوم140 ) و(سيزيوم141 ) و(بروميثيوم 143 ) و(نيودميوم 147 ). . وهنا يتضح ما يتم حقنه إلي البيئة من مواد مشعة حتى في حالة تفجير قنبلة نووية صغيرة. وكنتيجة للتساقط النووي فقد لوحظ وجود السيزيوم في جسم الإنسان لأول مرة عام 1955م بالولايات المتحدة الأمريكية وقد احتوت جميع الأطعمة التي استخدمت بالولايات المتحدة الأمريكية منذئذ علي كميات قابلة للقياس من السيزيوم (137). كما لوحظ في روسيا وصل تركيز السترونثيوم 90 في الغذاء إلي أقصاه فقد بلغ ما تم ابتلاعه منه 61 بيكولوري /يوم في المتوسط للفرد(13). وفي المملكة المتحدة البريطانية وصل التساقط السنوي للسترنشيوم 90 20 مللي كولوري/كم2 وبلغ مستوى التركيز في اللبن 30 بيكوكوري/جرام كاليسيوم (14). وفي كندا وصل التساقط النووى للسترونشيوم 90 ال20 مللي كولوري /كم2 وبلغ مستوى التركيز في الدقيق واللبن 600 و25 بيكوكولوري / جرام كالسيوم علي التالي (15). وفي ألمانيا كان أقصى تساقط للنشاط الإشعاعي الإجمالي قد وصل إلي 4'1 كوري/كم2 وذلك. وما زالت هناك دول تستهدف إجراء تجارب أسلحة نووية وهو ما يعني استمرار خطر التلوث الإشعاعي للبيئة من هذه التجارب وقد كان آخر اختبار نووي أجرته فرنسا في موقع تجاربها بجنوب المحيط الهادي كان يوم 12 مايو 1989م بقوة 15 كيلو طن. . . تابع بالعدد القادم غدا الحلقة التاسعة بعنوان( الإشعاعات ).
Shukri -_alzoatree@yahoo. com