بقلم/
ريما الشامي
ريما الشامي
عقد من الزمان مضى منذ قرار السلطة
إلغاء نظام التعليم في المعاهد العلمية عقب أحداث 11سبتمبر2001 ويبدو للعيان
النتائج السلبية لهذا القرار إذ يلاحظ أن مخرجات الجيل الحالي تنشأ غير واعية بقيم
دينها و منظومة التربية الإسلامية ولعل ما نلاحظه في حياتنا اليومية من انتشار
لظواهر منافية لقيم الفضيلة والأخلاق في مجتمعنا على نطاق واسع هو نتيجة منطقية
لإفراغ التعليم من مضمونه واللعب
بثوابت الأمة وتقرير الخارجية الأمريكية الصادر في 14/06/2010م على سبيل المثال
يقول أن اليمن صارت مصدرا و منطقة جاذبة للسياحة الجنسية وأن فنادق صنعاء وتعز وعدن
أوكار تمارس فيها الرذيلة والاستغلال الجنسي للفتيات بنظر الدولة والمجتمع
.
ومما لا شك فيه أن الفساد الأخلاقي المستشري في المجتمع اليمني كان نتاجاً
طبيعياً وجزءاً من الفساد الشامل الذي تعيشه هذه البلاد في كافة جوانب الحياة في
الاقتصاد والسياسة والتعليم والصحة ومختلف مناحي الحياة وبرؤية أكثر تحليلية
وموضوعية فإن بروز ظاهرة الفساد والانحلال الأخلاقي في المجتمع اليمني المحافظ له
عدة أسباب وعوامل مباشرة مرتبطة به أهمها الفقر و جرعات الجوع التي فرضتها السلطة
على أبناء الشعب اليمني حتى قضت نهائيا على الطبقة متوسطة الدخل مما أدى إلى جانب،
عوامل أخرى إلى اهتزاز المجتمع وعدم استقراره وانتشار ظواهر سيئة لإشباع حاجة الجوع
والفقر.
من جملة العوامل التي أسهمت في انتشار ظواهر الفساد الأخلاقي في المجتمع
اليمني تجفيف منابع التدين وإفراغ التعليم من محتوياته وجعله مجرد وعاء فارغ ما
أسهم في ضرب قيم الفضيلة وإنشاء جيل فاقد الهوية يجهل ثقافته وكينونته وأمور دينه
في ظل موجةٍ عاتية من التكنولوجيا والعولمة المفتوحة على كل شيء وبدون أية
ضوابط.
التعليم الرسمي الحكومي تم التلاعب به وإفراغه وجعله مجرد قشور والمواطن
البسيط يعرف واقع التعليم الذي يخرج منه الطالب بعد12 سنة دراسة لا يجيد حتى
القراءة والكتابة، فكيف سيكون عليه حال هذه الأجيال وماذا نتوقع منها ؟ وواقع
التعليم في اليمن أساسا مرتبط بالفساد الشامل الذي تعيشه البلد، هذا الفساد وصناعه
الذين يتعمدون أن يخرج التعليم أجيالا لا تعرف حقوقها من أجل أن يستمروا في التسلط
والاستبداد فكان أن صاغوا وأفرغوا التعليم كما يشاؤون وهاهي مخرجات هذا التعليم
تدمر هوية الأمة وأخلاقها ووجودها.
بالنسبة للمعاهد العلمية التي كانت لها
موازنة مستقلة عن التعليم الرسمي وكان لها دورا ايجابيا مشهودا في الحفاظ على توازن
المجتمع وقيمه وأخلاقه رغم أشياء سلبية كثيرة رافقتها فقد كانت أحداث 11سبتمبر فرصة
مواتية للسلطة لإلغائها كجزء من تصفية الحسابات مع حزب الإصلاح على حساب ثوابت
الأمة ودينها وهويتها وتربية أجيالها ، والإصلاح الحزب في ذلك الوقت واجه قرار
إلغاء المعاهد باللامبالاة والصمت والخذلان رغم أن موضوع المعاهد العلمية تمت
إثارته في وقت سابق كأهم نقاط الاختلاف بين الحزب الاشتراكي والإصلاح ما دفع
الاصلاحيين إلى القتال في حرب صيف94 لكن جاء قرار إلغاء المعاهد العلمية فيما بعد
من قبل الحليف الاستراتيجي وسط تخاذل وصمت مطبق من جانب الإصلاح
وقياداته.
المعاهد العلمية التي أسسها الرئيس إبراهيم الحمدي في منتصف
السبعينيات كانت تجربة لها الكثير من الايجابيات والكثير من السلبيات أيضا والمفترض
الاستفادة من ايجابياتها التي أسهمت في تعزيز قيم الفضيلة من خلال مخرجاتها التي
اشتغلت في المجتمع وكانت لها أياد بيضاء في خدمة الناس والحفاظ على هوية المجتمع
وأخلاقياته وتوازنه وبالمقابل فإنه ينبغي كذلك الاستفادة من السلبيات التي رافقت
هذه التجربة كالتطرف والتزمت واحتكار الحقيقة وكذلك إهمال مناهج تدريس المواد
العلمية الحديثة.
غير أن أفدح الأخطاء التي لازمت مسيرة المعاهد العلمية هي
السيطرة عليها من قبل طيف سياسي معين ومن ثم توجيهها لخدمة طرف سياسي آخر ضد طرف
سياسي ثالث وهذا يعني أنها حادت عن رسالتها التربوية إلى ممارسة وخدمة أجندة الساسة
وهذا أثر على توجهها ومناهجها ومخرجاتها التي ترسخت لديها حالة عداء مع الآخر ،
عموما هذا الاستغلال السياسي للمعاهد العلمية التربوية جعل الرئيس صالح يستخدمها
كورقة رابحة واستغلها كمخزون فكري وبشري في مواجهة خصومه وحسم حروبه منذ نهايات
الثمانينات حتى حرب صيف94 ثم قرر بعد ذلك إلغاءها بكل بساطة.
لكن تظل تجربة
المعاهد العلمية جديرة بالقراءة والفهم والاستفادة فهي منذ نشأتها كان هدفها تربية
الأجيال على أساس الفكر الوسطي المعتدل الذي يعتمد الفهم الواعي للحياة والذي يهدف
في المحصلة إلى تعزيز قيم الوسطية والاعتدال في المجتمع والحفاظ على هويته وقد نجحت
في فترات معينة في ترسيخ الاعتدال لولا الأجندة السياسية التي فرضت نفسها، وطالما
أن المعاهد العلمية كتجربة إنسانية تخضع للمراجعة والتقييم فليس شرطا المطالبة ببث
الحياة فيها من جديد بنفس الآلية التي كانت قائمة عليها بل المطلوب هو الاستفادة من
ايجابياتها من قبل المختصين المطالبين الآن على نحو عاجل بإعادة صياغة التعليم رحمة
بهذه الأمة وأجيالها ومستقبلها.
إن المطلوب الآن هو إعادة النظر في واقع التعليم
الحالي المنهار الذي يعطي مخرجات جاهلة وكارثية خصوصا في ظل النتائج الملموسة في
واقعنا الحياتي من اتساع رقعة الفساد الأخلاقي طولا وعرضا في بلدنا وعلى العقلاء
وأهل الاختصاص وذوي الفكر أن يتحركوا بجدية وبمسؤولية وطنية ودينية لإنقاذ الأجيال
الناشئة ومستقبل هذه البلاد من التفكك والانحلال والانهيار الناجم عن إفراغ التعليم
واللعب باستراتيجياته وبثوابت الأمة من أجل رغبة الحاكم وتصفية الحسابات بين
الخصوم.
يجب أن تعاد صياغة التعليم ومناهجه وفقا لرؤى إستراتيجية على نحو يضمن
تربية جيل متسلح بالعلم والمعرفة جيلا واعيا بنفسه وبأمته وبهويته وبدينه وقيمه لأن
مخرجات التعليم الحالي تنبئ عن مصير أسود يقود هذه الأمة إلى الاندثار إن أمة تحترم
نفسها وهويتها وكينونتها لا تقبل أبدا أن تخضع ثوابتها الاستراتيجية وأهمها التعليم
ومستقبل الأجيال للتكتيك السياسي ولرغبة الحاكم ولتصفية الحسابات بين السلطة
والمعارضة لأن النتيجة ستكون مأساوية وكارثية بكل المقاييس وستؤدي حتما إلى تفسخ
وانهيار هذه الأمة ولعل هذا ما نعيشه اليوم في اليمن مالم يتادعى العقلاء لإنقاذ
عجلة التعليم قبل فوات الأوان.
للتذكير تعزيز قيم الفضيلة في المجتمع لا يكون
بإنشاء هيئة فضيلة ولكن يبدأ بتشخيص مكمن الداء والخلل الذي صنع كل هذا الفساد
الشامل الذي يعيشه وطننا ومن ثم توجيه كافة الجهود الوطنية نحو انتشاله وتخليص
اليمنيين منه ، ولا ريب فإن الاستبداد هو المسؤول الأول عن هذا الحال البائس الذي
يعيشه شعبنا فهو الذي يستفرد بالبلد ومقدراتها ويصنع سياسات الفساد ويدير بها الوطن
وهو الذي يرى في هذا الفساد الشامل الذي صنعه ضمانات بقائه وتسلطه على رقابنا للأبد
ولو أحال اليمن إلى جهنم..
اللهم قد بلغت.
إلغاء نظام التعليم في المعاهد العلمية عقب أحداث 11سبتمبر2001 ويبدو للعيان
النتائج السلبية لهذا القرار إذ يلاحظ أن مخرجات الجيل الحالي تنشأ غير واعية بقيم
دينها و منظومة التربية الإسلامية ولعل ما نلاحظه في حياتنا اليومية من انتشار
لظواهر منافية لقيم الفضيلة والأخلاق في مجتمعنا على نطاق واسع هو نتيجة منطقية
لإفراغ التعليم من مضمونه واللعب
بثوابت الأمة وتقرير الخارجية الأمريكية الصادر في 14/06/2010م على سبيل المثال
يقول أن اليمن صارت مصدرا و منطقة جاذبة للسياحة الجنسية وأن فنادق صنعاء وتعز وعدن
أوكار تمارس فيها الرذيلة والاستغلال الجنسي للفتيات بنظر الدولة والمجتمع
.
ومما لا شك فيه أن الفساد الأخلاقي المستشري في المجتمع اليمني كان نتاجاً
طبيعياً وجزءاً من الفساد الشامل الذي تعيشه هذه البلاد في كافة جوانب الحياة في
الاقتصاد والسياسة والتعليم والصحة ومختلف مناحي الحياة وبرؤية أكثر تحليلية
وموضوعية فإن بروز ظاهرة الفساد والانحلال الأخلاقي في المجتمع اليمني المحافظ له
عدة أسباب وعوامل مباشرة مرتبطة به أهمها الفقر و جرعات الجوع التي فرضتها السلطة
على أبناء الشعب اليمني حتى قضت نهائيا على الطبقة متوسطة الدخل مما أدى إلى جانب،
عوامل أخرى إلى اهتزاز المجتمع وعدم استقراره وانتشار ظواهر سيئة لإشباع حاجة الجوع
والفقر.
من جملة العوامل التي أسهمت في انتشار ظواهر الفساد الأخلاقي في المجتمع
اليمني تجفيف منابع التدين وإفراغ التعليم من محتوياته وجعله مجرد وعاء فارغ ما
أسهم في ضرب قيم الفضيلة وإنشاء جيل فاقد الهوية يجهل ثقافته وكينونته وأمور دينه
في ظل موجةٍ عاتية من التكنولوجيا والعولمة المفتوحة على كل شيء وبدون أية
ضوابط.
التعليم الرسمي الحكومي تم التلاعب به وإفراغه وجعله مجرد قشور والمواطن
البسيط يعرف واقع التعليم الذي يخرج منه الطالب بعد12 سنة دراسة لا يجيد حتى
القراءة والكتابة، فكيف سيكون عليه حال هذه الأجيال وماذا نتوقع منها ؟ وواقع
التعليم في اليمن أساسا مرتبط بالفساد الشامل الذي تعيشه البلد، هذا الفساد وصناعه
الذين يتعمدون أن يخرج التعليم أجيالا لا تعرف حقوقها من أجل أن يستمروا في التسلط
والاستبداد فكان أن صاغوا وأفرغوا التعليم كما يشاؤون وهاهي مخرجات هذا التعليم
تدمر هوية الأمة وأخلاقها ووجودها.
بالنسبة للمعاهد العلمية التي كانت لها
موازنة مستقلة عن التعليم الرسمي وكان لها دورا ايجابيا مشهودا في الحفاظ على توازن
المجتمع وقيمه وأخلاقه رغم أشياء سلبية كثيرة رافقتها فقد كانت أحداث 11سبتمبر فرصة
مواتية للسلطة لإلغائها كجزء من تصفية الحسابات مع حزب الإصلاح على حساب ثوابت
الأمة ودينها وهويتها وتربية أجيالها ، والإصلاح الحزب في ذلك الوقت واجه قرار
إلغاء المعاهد باللامبالاة والصمت والخذلان رغم أن موضوع المعاهد العلمية تمت
إثارته في وقت سابق كأهم نقاط الاختلاف بين الحزب الاشتراكي والإصلاح ما دفع
الاصلاحيين إلى القتال في حرب صيف94 لكن جاء قرار إلغاء المعاهد العلمية فيما بعد
من قبل الحليف الاستراتيجي وسط تخاذل وصمت مطبق من جانب الإصلاح
وقياداته.
المعاهد العلمية التي أسسها الرئيس إبراهيم الحمدي في منتصف
السبعينيات كانت تجربة لها الكثير من الايجابيات والكثير من السلبيات أيضا والمفترض
الاستفادة من ايجابياتها التي أسهمت في تعزيز قيم الفضيلة من خلال مخرجاتها التي
اشتغلت في المجتمع وكانت لها أياد بيضاء في خدمة الناس والحفاظ على هوية المجتمع
وأخلاقياته وتوازنه وبالمقابل فإنه ينبغي كذلك الاستفادة من السلبيات التي رافقت
هذه التجربة كالتطرف والتزمت واحتكار الحقيقة وكذلك إهمال مناهج تدريس المواد
العلمية الحديثة.
غير أن أفدح الأخطاء التي لازمت مسيرة المعاهد العلمية هي
السيطرة عليها من قبل طيف سياسي معين ومن ثم توجيهها لخدمة طرف سياسي آخر ضد طرف
سياسي ثالث وهذا يعني أنها حادت عن رسالتها التربوية إلى ممارسة وخدمة أجندة الساسة
وهذا أثر على توجهها ومناهجها ومخرجاتها التي ترسخت لديها حالة عداء مع الآخر ،
عموما هذا الاستغلال السياسي للمعاهد العلمية التربوية جعل الرئيس صالح يستخدمها
كورقة رابحة واستغلها كمخزون فكري وبشري في مواجهة خصومه وحسم حروبه منذ نهايات
الثمانينات حتى حرب صيف94 ثم قرر بعد ذلك إلغاءها بكل بساطة.
لكن تظل تجربة
المعاهد العلمية جديرة بالقراءة والفهم والاستفادة فهي منذ نشأتها كان هدفها تربية
الأجيال على أساس الفكر الوسطي المعتدل الذي يعتمد الفهم الواعي للحياة والذي يهدف
في المحصلة إلى تعزيز قيم الوسطية والاعتدال في المجتمع والحفاظ على هويته وقد نجحت
في فترات معينة في ترسيخ الاعتدال لولا الأجندة السياسية التي فرضت نفسها، وطالما
أن المعاهد العلمية كتجربة إنسانية تخضع للمراجعة والتقييم فليس شرطا المطالبة ببث
الحياة فيها من جديد بنفس الآلية التي كانت قائمة عليها بل المطلوب هو الاستفادة من
ايجابياتها من قبل المختصين المطالبين الآن على نحو عاجل بإعادة صياغة التعليم رحمة
بهذه الأمة وأجيالها ومستقبلها.
إن المطلوب الآن هو إعادة النظر في واقع التعليم
الحالي المنهار الذي يعطي مخرجات جاهلة وكارثية خصوصا في ظل النتائج الملموسة في
واقعنا الحياتي من اتساع رقعة الفساد الأخلاقي طولا وعرضا في بلدنا وعلى العقلاء
وأهل الاختصاص وذوي الفكر أن يتحركوا بجدية وبمسؤولية وطنية ودينية لإنقاذ الأجيال
الناشئة ومستقبل هذه البلاد من التفكك والانحلال والانهيار الناجم عن إفراغ التعليم
واللعب باستراتيجياته وبثوابت الأمة من أجل رغبة الحاكم وتصفية الحسابات بين
الخصوم.
يجب أن تعاد صياغة التعليم ومناهجه وفقا لرؤى إستراتيجية على نحو يضمن
تربية جيل متسلح بالعلم والمعرفة جيلا واعيا بنفسه وبأمته وبهويته وبدينه وقيمه لأن
مخرجات التعليم الحالي تنبئ عن مصير أسود يقود هذه الأمة إلى الاندثار إن أمة تحترم
نفسها وهويتها وكينونتها لا تقبل أبدا أن تخضع ثوابتها الاستراتيجية وأهمها التعليم
ومستقبل الأجيال للتكتيك السياسي ولرغبة الحاكم ولتصفية الحسابات بين السلطة
والمعارضة لأن النتيجة ستكون مأساوية وكارثية بكل المقاييس وستؤدي حتما إلى تفسخ
وانهيار هذه الأمة ولعل هذا ما نعيشه اليوم في اليمن مالم يتادعى العقلاء لإنقاذ
عجلة التعليم قبل فوات الأوان.
للتذكير تعزيز قيم الفضيلة في المجتمع لا يكون
بإنشاء هيئة فضيلة ولكن يبدأ بتشخيص مكمن الداء والخلل الذي صنع كل هذا الفساد
الشامل الذي يعيشه وطننا ومن ثم توجيه كافة الجهود الوطنية نحو انتشاله وتخليص
اليمنيين منه ، ولا ريب فإن الاستبداد هو المسؤول الأول عن هذا الحال البائس الذي
يعيشه شعبنا فهو الذي يستفرد بالبلد ومقدراتها ويصنع سياسات الفساد ويدير بها الوطن
وهو الذي يرى في هذا الفساد الشامل الذي صنعه ضمانات بقائه وتسلطه على رقابنا للأبد
ولو أحال اليمن إلى جهنم..
اللهم قد بلغت.