الجفري
تغليب الخيال على الواقع والاعتماد على العاطفة الشخصية والبحث عن يقوم الفن الرومانسي على تغليب الخيال
على الواقع والاعتماد على العاطفة الشخصية والبحث عن الغموض والتأمل المجنح ولقد
أعتبر بعض نقاد الفن وعلم الجمال الرومانسية مظهراً من مظاهر تفسخ الفن، ونحن لا
نميل إلى هذا الرأي ذلك لأن الرومانسية التي ظهرت في أوائل القرن التاسع عشر
فسرت على حد بعيد التطور الحضاري في ذلك القرن الذي بدأ مع تقدم العلم وتوسع
المعرفة فكان أن أخذ الخيال مكانه في ابتكار الأشكال الجديدة الغربية، ومما لا شك
فيه أن الفكر الحديث قد ساهم إلى حد بعيد في إطلاق حرية الفنان والأديب والشاعر وفي
اختيار طريق خاص للمعرفة والحس، فقد تحدث "بومجارتن" مؤسس علم الجمال عن فن الحس
بقوله: إن الحساسية هي وسيلة الفنان لمعرفة العالم معرفة فردية خاصة وأن هذا الدفع
نحو العالم الفردي الخاص كان له أكبر الأثر في تغليب الذات على الموضوع وهو أول
الطريق إلى الفن الحديث كله، وهكذا الرومانسية ابتعدت عن الاتصال الملتحم بالواقع
ولم تهتم بالحياة المألوفة اليومية بل سعت وراء عالم بعيد في المسافة والواقع فنفذت
إلى ما وراء أسرار العالم ووجهت أضواءها إلى ظلام القرون الوسطى وأصبح الفنان يبحث
عن السراب لكي يجعل منه حقيقة، على إننا نعلم اليوم أن العناصر التي تحدث الخيال
الرومانسي تشكلت جميعها تقريباً منذ القرن السابع عشر للميلاد، لقد بدأت الرومانسية
في أعمال الفنان "دولاكرو" التي تضمنت مبالغات الإنسان قاهر الوحوش ثم جاء الفنان
"جريكو" الذي أقام أسس الرومانسية في الرسم ممثلة في مواضيع مختلفة كالفرسان
والصياديين وقد كان للمبالغة في إظهار الظل والنور دور كبير في دعم المبالغات
التصويرية والتعبيرية، لقد جاءت الرومانسية لتكشف الغطاء عن عالم جديد.