" المرأة نصف المجتمع" عبارة طالما سمعناها في أوساط العالم المتحضر وطالما طالعتنا بها الجرائد والمجلات على صفحاتها وعلى لسان كثير من الأدباء والمفكرين في عصرنا الحاضر.
عبارة أنصفت المرأة كثيراً عندما قيلت لأول مرة في مجتمعات ظلت تنظر إلى هذا الكائن وكأنه مخلوق ما بعث على وجه الأرض إلا ليسعد الرجل ـ ليس إلا أسبرين ـ وكنت أظن أن هذه العبارة ستكفل للمرأة حقوقها التي هضمت كثيراً ومن أبسطها وعلى سبيل المثال حقها في إبداء الرأي ، فإذا بي أدرك ومن واقعنا الملموس أنها ما كانت إلا " حبة أسبرين" تلقى في أفواه النساء كلما شكون ألم الاضطهاد والازدراء الذي يحيط بهن في أوساط مجتمعاتنا القاسية.
ففي مجتمعاتنا العربية بشكل عام مازالت المرأة تشكو سطوة الرجل وشيئاً من نظرات الاستهانة التي مازالت مترسبة في أعماقه بفعل الوراثة ، أما في مجتمعنا اليمني فحدث ولا حرج ، فعندما تخلق الفتاة في مجتمعنا تتقلص معالم الفرح في وجه بعض الآباء وكما قال تعالى في كتابه الحكيم عن هؤلاء " وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب".
هم البنات:
والحمد لله أن الإسلام قد جاء ليحرم وأد البنات، فأصبح الأب يتقبل هذا الأمر على مضض مرغماً غير راغب به وتقول أمثالهم : "ولد جاء ومات ولا علوم البنات" أو " هم البنات للممات".
فأي هم هذا الذي يجعل الفتاة تنشأ منذ مولدها وهي تشعر بالانتقاص كونها خلقت أنثى وتظل تنهال على مسامعها من الأمثال ما يقصم ظهرها ويذل كرامتها طوال حياتها وأنتم تقولون في وجهها " البنات كسارات الظهور"، فكيف لا تكسر ظهوركم بعد ذلك إذا ما نظرت إلى نفسها هذه النظرة الجسدية البحتة.
لا يفلح قوم :
أما من الناحية الدينية فلم يحفظوا من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قوله " لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " ولا أظن أن هناك رجلاً واحداً لا يحفظ هذا الحديث وعن ظهر قلب، ليس رغبة في حفظ أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن رغبة في إذلال المرأة والاستهانة بها، ومع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خص قوماً بذاتهم في حديثه هذا وهم الفرس الذين مات ملكهم فوصلت إلى أسماعه أنباء عزمهم على تولية ابنته مكانه، فقال مقولته تلك، إلا أني لن أجادل في أحاديث رسول الله قوماً عكفوا على معتقداتهم سنين طويلة وترسخ في أعماقهم وعن فهم خاطئ أن الفلاح مع عقل امرأة لا يجتمعان.
وأفلحتم أنتم :
ثم إني لأستغرب هذا المنطق من شعب هو الوحيد الذي شهد له التاريخ بالفلاح في عصر قادتهم فيه امرأة، فهل أتاك نبأ بلقيس اليمن ، هذه المرأة التي كانت أول من أسس مبدأ الشورى في سبأ "المملكة اليمنية القديمة" وأول من أثبتت حكمة المرأة في القيادة والحكم ، قال تعالى واصفاً ديمقراطيتها في كتابه الحكيم " قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون".
حكمة وعقل ومنطق :
ثم جاء الشاهد على بعد النظر الذي كانت تتمتع به بعد ما قرأت كتاب نبي الله تعالى سليمان عليه السلام وهو يدعوها إلى الإسلام حيث قالت:" وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون" يقول بن عباس رضي الله تعالى عنهما في تفسيره لهذه الآية : قالت لقومها : "وأن لم يقبلها فهو نبي صادق فاتبعوه" ، ولما تبين لها أنه على الحق وأنها كانت على الباطل في عبادتها وقومها للشمس من دون الله تعالى لم تأخذها العزة بالإثم كما تأخذ أغلب الملوك وإنما قادتها فطرتها الحكيمة إلى ترك عبادة الشمس والدخول وقومها في دين الله تعالى.
" قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين" .
فأي فلاح أجل وأعظم مما قادت هذه المرأة إليه قومها، إذ أن الله تعالى قد قرن الفلاح مع الإيمان بالله تعالى في أكثر من آية قال تعالى:"إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون".
فإذا ما قلتم بعد ذلك انه لا فلاح مع عقل امرأة ـ لا نملك إلا أن نقول: وهل بعد كلام الله تعالى من كلام.
وإذا كان عدم الفلاح مع عقل امرأة قاعدة، فالمرأة اليمنية هي استثناء من هذه القاعدة .
وسلامتكم.
مع تحياتي أنا أحلام القبيلي
وكيل آدم على ذريته
alkabily@hotmailcom
أحلام القبيلي
لا فلاح مع امرأة وأفلحتم أنتم!! 2509