قالت لي إحداهن : ادعي لي الله حتى ارجع لزوجي؟
قلت لها: "الله لاردش , طلقش وعادش تشتي ترجعي" فرأيت في وجهها امتعاض وألم ، وبعد مرور سنوات عدة وكلما تذكرت ذلك الموقف شعرت بألم وخجل وتقدمت لها بالاعتذار وطلبت منها المسامحة.
احترم مشاعري:
- تقول : أحب زوجي موت؟ ترد عليها أخرى: "لش جني على مو حبيتيه والله لو أني منش ما أشوف لا وجهه".
- وأخرى تلبس فستان أحمر لأنها تحب هذا اللون ولكن صديقتها تواجهها بقولها : "يخخخ أيش هذا اللون البلدي".
- ويترجى الابن والده أن يخطب له بنت الجيران فيجبره على الزواج من بنت قريته.
- وترفض الفتاة ابن عمها وتلمح برغبتها في الزواج من ابن خالها فتغصب على الزواج من ابن عمها.
- يحب التسجيل في كلية الهندسة فيجبره والده على الطب.
إحدى صديقاتي لا تحب أكل لحم الدجاج ولا تستسيغه ولكن الكثير لا يحترم رغبتها ويبادرونها بالقول :
"ليش تحرمي ما أحل الله وأيش أحسن من اللحم وقد يحاولوا غصبها على الأكل مع أنها لم تحرم شيء ولم تدعو إلى التحريم ، وما أثقل ذلك الشخص الذي يراك تأكل شي لا يحبه هو فيبادرك بقوله : يع كيف تقدر تأكله ويظل يتحدث بطريقة مقززة تجعلك تقوم عن الطعام مكرهً.
والنبي صلى الله عليه وسلم ما عاب طعاماً قط إن اشتهاه أكله وإن عافه تركه وعندما قدم الصحابة رضوان الله عليهم لحم ظب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم تركه ولم يأكل منه.
فقالوا له : أو حرام يا رسول الله؟ وحدثهم أنه لا يستسيغه لأنه لا يعرفه وغير متعود على أكله.
- أقول لها كلامك أتعبني؟
تصرفك أزعجني ؟
ترد وهي واثقة : أنا مش غلطانة.
أقول لها: أنتي مش غلطانه من وجهة نظرك , وما يعجبك قد لا يعجبني وما يروق لك لا يسعدني.
- يأتي إليك صديق يشكو بمرارة والدموع في عينيه حزنه الشديد على من كان يريد الزواج بها لأنها أجبرت على الزواج من غيره أو تأتي إليك صديقة حزينة غاية الحزن على فستانها الذي أفسدته الخياطة
فتسخروا منهم ومن اهتماماتهم , ولا تعيروا مشاعرهم أدنى اهتمام ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : من عزى مؤمن في مصيبة كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة " قال مصيبة " ولم يحدد ما هي المصيبة، فقد يكون الأمر بالنسبة لغيرك مصيبة وعندك أمر عادي.
وقد تفاعل النبي صلى الله عليه وسلم مع صبي وجده يبكي على عصفور له مات فكان كلما رآه يقول له مداعباً: يا عمير ما فعل النغير ولم يقل هذا أمر تافه ولعب عيال.
وهنا سؤال يطرح نفسه : لماذا لا نحترم مشاعر الآخرين؟
لماذا نسخر من رغبات الناس؟
لماذا نصر على الإزعاج والتجريح؟
لماذا نعامل الناس بما نحب لا بما يحبون؟
إن من الذوق والأدب ـ ومن قبل كل ذلك ـ من الإسلام أن نحترم مشاعر الآخرين وآرائهم وميولهم ورغباتهم
وألا نسفه أهوائهم وأن نخاطبهم بما يحبون , ونبتعد عن إثارة ما يكرهون ، وقد قيل أن رجلاً ذهب ليصطاد السمك فكان يضع في الصناره بسكويت بدلا عن الدوود .
فقال له من بجواره : لماذا تضع البسكوت بدلاً عن الدوود .
قال: لأني أحب البسكوت
فقال له الآخر: ولكن السمك يحب الدوود.
فلنجتهد ألا نكون من الثقلاء وممن تمقتهم القلوب وتستثقلهم النفوس ,ويكره لقائهم الصغير والكبير.
استعمل الطعم المناسب:
يقول الدكتور العريفي في كتابه استمتع بحياتك:
"الناس بطبيعتهم يتفقون في أشياء كلهم يحبونها ويفرحون بها ويتفقون في أشياء كلهم يكرهونها , ويختلفون في أشياء، منهم من يفرح بها ومنهم من يستثقلها فكل الناس يحبون التبسم في وجوههم ويكرهون العبوس والكآبة , ولكنهم إلى جانب ذلك منهم من يحب المرح والمزاح ومنهم من يستثقله , ومنهم من يحب أن يزوره الناس ويدعونه ومنهم الانطوائي , ومنهم من يحب الأحاديث وكثرة الكلام ومنهم من يبغض ذلك".
وكل واحد في الغالب يرتاح لمن وافق طباعه , فلماذا لا توافق طباع الجميع عند مجالستهم وتعامل كل واحد بما يصلح له ليرتاح إليك".
ويضيف :
إذن من أساليب جذب الناس إختيار الأحاديث التي يحبونها وإثارتها , كأب له ولد متفوق من المناسب أن تسأله عنه لأنه بلا شك يفخر به ويحب أن يذكره دائماً أو رجل فتح دكاناً وكسب منه أرباحاً فمن المناسب أن تسأله عن دكانه وإقبال الناس عليه، لأن هذا يفرحه وبالتالي يحبك ويحب مجالستك.
وسمعت قصة جميلة في شريط كاسيت اسمه "فهم النفسيات بين الزوجين" مفادها:
إن امرأة ذهبت للحاكم تطلب الطلاق لأن زوجها يحب الحمام بشكل جنوني ولا ينام ولا يصحو إلا على ذكر الحمام وأن العلاقة ساءت بينهما بسبب هذا الموضوع فنصحها القاضي بالذهاب إلى أقرب مكتبة وشراء كل الكتب التي تتحدث عن الحمام و تبدي لزوجها أنها مهتمة بالحمام وبأخبار الحمام و تجعل حديثها معه كله عن الحمام ثم تعود إليه بعد شهر وسوف يطلقها منه وعملت المرأة بالنصيحة.
وبعد أن مضى شهر عادت إلى القاضي الحكيم وقالت له أنها غيرت رأيها ولم تعد ترغب في الطلاق لأن علاقتها بزوجها قد تحسنت كثيراً، كل ذلك لأنها أبدت اهتمامها بما يحب .
قمة الذوق:
قلت لها "ادعي لي معك"
قالت بكل ذوق وأدب لم أعهد سماعه : وبماذا تحبي أن أدعو لك ؟
مع تحياتي أنا أحلام القبيلي
وكيل آدم على ذريته
alkabily@hotmail.c0m