أن تحظى المرأة في اليمن بقرار سياسي لتأييد حقها في المشاركة النيابية كمرشحة.. لها دورها الفاعل تحت قبة البرلمان فهذا إنجاز ديمقراطي مميز للسلطة ويدل بعمق على مدى أهمة العمل المشترك بين الرجل والمرأة، كما
يعرض أهمية التوافق بين السلطة التنفيذية والتشريعية على السواء لرفع مستوى الوعي السياسي لدى الرجل والمرأة معاً، وفق فرصة عمل وطني واحد يتمثل في إثراء الجانب التشريعي بكم هائل من المقترحات الداعمة لموقف
المرأة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وقضائياً.
وليس هذا فحسب إذ قد يساهم هذا القرار بشكل أو بآخر بتصحيح فوري لتلك المعتقدات المتمثلة في قصور قدرات المرأة اليمنية وقلة خبرتها في المشاركة السياسية واتخاذ القرار الصائب، الذي يخدم جانب التنمية البشرية على
أساس أنه الرافد الأول من روافد العمل السياسي الذي يدعم وجود الإنسان اليمني ويعزز قدرته باعتبار أنه لا تنمية اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية بدون وجود تنمية بشرية فاعلة.
الحصة النسائية أو "الكوتا" لم تكن كافية لتظهر بوضوح حق المشاركة السياسية للمرأة في ظل فرص ضئيلة وإمكانيات فكرية اجتماعية أكثر ضآلة.
لكنني أعتقد أن إجراء انتخابات ذات لوائح نسائية خاصة للحصول على "44" مقعداً تحت قبة البرلمان سيكون فرصة جيدة للمرأة من جهتين اثنتين:
الأولى: تحقيق مبدأ العدل والمساواة بينها وبين الرجل وإعطاءها فرصة تقديم الحق الوطني بطريقتها الراقية مع أساس أن المرأة أكثر إخلاصاً في حب وخدمة الوطن ومن يدري ربما يحدث على يديها الكثير مما لم يحدث على
أيدي الرجال.. من يدري؟.
الثانية: إعطاءها فرصة بناء الذات ومحاولة تطوير وفهم العمل السياسي ووضعها في كفة تمييز إنجازاتها الوطنية لإظهار نقاط الضعف والقوة وتحديد مكامن الخلل من أجل إعطاء هذه المشاركة السياسية وزنها الحقيقي.. إذ
ليس الوطن بحاجة إلى متطفلات جديدات يسعين لقلب حقائق اجتماعية ذات تأثير مباشر على الناس كما فعلها رجال من قبل.
والمقصود أن المرأة اليمنية ليست بحاجة إلى الدفع بقدر ما هي بحاجة إلى السحب والطرق بطريقة فيزيائية بحتة.. إذ تحتاج المرأة إلى إعداد نفسها إعداداً جيداً يليق بمسؤولية هامة في صنع واتخاذ القرار وإبراز مشاكل
مجتمعها على طاولة البحث وتلمس أوجاع الناس الذين فقدوا كثيراً من الثقة السياسية في ظل متغيرات عامة وخاصة أدخلت الوطن في منعطفات خطرة طالت البنية البشرية شكلاً ومضموناً أكثر مما حطمت المفهوم الديمقراطي في
عيون الباحثين عن حرية الفكر السياسي والاجتماعي والاقتصادي أرضاً.
وفي ظل هذا الزخم المتدافع إلى الأمام ليس من السهل أن ننظر إلى الخلف أبداً، بل يجب أن نثب بقوة وبخطوات جادة ومسؤولة للوصل إلى نمط سياسي مستقر يجمع بين القرار الجاد في التغيير وتطبيق هذا القرار بالمتابعة الميدانية
المدروسة.. مع العلم بأن هذا لا يختلف عن الموضوع الأساسي ولا يتفرع منه.. إذ ينظر الجميع للمشاركة السياسية للمرأة بأنها ستكون نقلة نوعية لمهام المجلس الموقر وعلى الأقل ستظهر إبداعات الجانب الناعم في
المسألة الديمقراطية، فمن يدري ربما تستطيع الأزهار أن تفعل مالم تستطع فعله سنابل سامقة، لكنها ساكنة.
عموماً لن نتطرق هنا إلى نصيب الأسد ونصيب القطط طالما وقد أصبحت المسألة سياسية قابلة لإظهار رموزها بوضوح سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً.. غير أن السؤال هل ستجيد المرأة في اليمن الرقص على أنغام
السياسية؟!.
ألطاف الأهدل
نصف المجتمع.. رُبع السياسة 2211