سمعت كغيري من الناس عن قائمة سوداء تضم الذين لم يثوروا ولم ينتفضوا ولم يحرضوا ويصوتوا ويثيروا لدى الناس حمية الجاهلية ولم يوقدوا نار الحرب ولم يشعلوا فتيل الفتنة ولم أصدق كغيري من الناس أيضاً أن الثورات التي تقوم للتخلص من الظلم تعود لتمارسه على طريقتها الخاصة.. والذي أعرفه أن نظام الوالد الرئيس لم يكن يصنف الناس في قوائم فهل ستصبح القائمتان البيضاء والسوداء من مميزات النظام الجديد؟!.
وبمناسبة القوائم إذاً لدي اقتراح قد يعجب هؤلاء إذ أرى أن تكون هناك قائمة وردية تضم الذين ذرفوا الدموع ليالٍ طوال وهم يشاهدون ما يحدث على الساحة وحاولوا جاهدين أن يهدئوا الأوضاع ويبصروا الناس بالحقائق ودعوا مراراً إلى الحوار وتحكيم كتاب الله وسنته وترجيح كفة السلطوية وكانوا أقرب إلى قول الله تعالى في صورة الأنفال: "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها" وقوله عز وجل في سورة الحجرات: "إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم".
ودعوا إلى التأمل طويلاً في حديثه صلى الله عليه وسلم "اسمعوا وأطيعوا وإن ولي عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة"، فهل يكون مصير هؤلاء الداعين إلى السلم قوائم سوداء والأغلبية المنافقة هي التي اقترعت يوم انتخاب الوالد الرئيس ووضعت إشارة صح على رمز الحصان؟! أليس هؤلاء هم من اقترع أم أن ما شهدناه من جموع كانت أشباحاً أو ربما رجالاً ونساءً آليين؟.. ربما من يدري مادمنا في زمن الأطباق الطائرة وتقنية الناتو وعقول الهواء اللاسلكية والأقمار الصناعية التي تستطيع تحديد لون الملابس الداخلية للمرء وهو يغط في نوم عميق! لا أعتقد إلا أنها من علامات الساعة، فقد أصبح الخائن مؤتمناً والأمين خواناً وأصبح الذين يسددون ويقاربون متهمين بالعمالة.. يالله قائمة سوداء!!.
لا أكاد أصدق الأمر، لكن لا أقول إلا كما قال هابيل لأخيه قابيل في سورة المائدة "لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسطٍ يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين".. فأين ذهب هؤلاء من خوف الله وهم يقسمون شعباً عريضاً إلى قوائم؟!! ألم يكن شعاركم "سلمية.. ثورتنا سلمية" أم أنها كانت سلمية شتاءً ثم تحولت إلى جهنمية صيفاً؟!.
لا أعتقد أن هذه الفكرة هي فكرة شباب الساحات الذين نور العلم عقولهم وخرجوا يبتغون فضلاً من الله ورضواناً بحقوق سلبتها الطبقية وغفلة الحكام عن المحكومين أم أن موضة الثورات ستتبعها موضة قوائم سوداء؟!.
أرجو الله أن لا تتبعوا أيضاً موضة التدخل الأجنبي فتموت في أعيننا شهامتكم ونخوتكم وخوفكم على نسائكم وأطفالكم!، أرجوا أن لا تصطبغ هذه الثورة السلمية بألوان الخيانة وشتى أصناف التبعية وأن لا تكون قد طبخت على نار التسييس الانقلابي وليس المنهجية السياسية الواضحة.. كما أرجوا أن يحدد القائمون على أمر القوائم مكاناً للأمهات اللاتي واصلن الليل بالنهار وهن ساجدات يسألن الله السلامة للبلاد والعباد.
وأعتقد أن القائمة الخضراء ستكون مناسبة لهن، مع رجاء أن لا تتجاهلوا المسنين من الآباء الذين زهقت ابتهالاتهم على باب الحزن وهم يرفعون رؤوسهم إلى السماء، داعين بوحدة اليمن أرضاً وإنساناً، وأعتقد أن اللون الأزرق سيكون أنيقاً في قائمة مسطرة بأسماء رجال فقط.. قائمة تحمل ألواناً فسفورية خاصة بالأطفال وأخرى بيضاء للمراهقين وهكذا.. أرجوكم ابقوا كباراً في أعيننا ولا تسقطوا ما تبقى لكم في أنفسنا من وقار.
