ركضت حافية القدمين عبر حجرات قلبك وأنا ابحث عنك كرجل من طرازٍ فريد، وحين تاهت خطواتي وشعرت أنني أبحث عن سراب تسلقت عبرك إلى عقلك وعندها فقط أدركت أنني وصلت إليك لكن بعد أن أصبحت شيئاً في ذاكره.
وعدتُ لأسكن عقلي كما علمتني أنت أن عقولنا هي مأوى مشاعرنا وليست تلك القلوب التي في الصدور لم أعد أتذكر معالمك بوضوح ولم تعد أناملي تحفظ عناونيك وكل ما أتذكره عنك أنك ذاكرة يسكنها رجل أو رجل تسكنه ذاكره..
لا أدري فعقلك لم يحتو مشاعري وقلبك أخطأ الوصول إلى أحاسيسي وما من شيء شعرت أنه سكنتي وأنني أسكنه سوى عيناك المطلتان بفضول الرجال وسئمت أن أراك جندياً بلا سلاح، وتعبت أن ترى مشاعري ثمرة تخاف تقطفها قبل الأوان!.. مشاعرنا يا سيدي ثمار ناضحة تدلت على غصون قلوبنا منذ زمن حتى كادت تفقد مذاقها ويختفي بريق تفاصيلها ويسكن فؤادها العطب.
يا سيدي مشاعر البشر لا تحتمل التأجيل لأنها تذبل بسرعة وتنتهي إلى زوال، ولأنها سريعة الاشتعال فهي بحاجة إلى ما يطفئها حتى لا تحترق صدرونا بنيرانها الملتهبة..
وما لا تعرفه يا سيدي أن مشاعرنا الرقيقة تتحول بالبعد إلى مشاعر ضارية شرسة تسحق ذاتها قبل كل شيء ثم تموت دون أن يلقنها الآخرون إحساسهم بالندم، مشاعرنا ليست ملكاً لنا ولو كانت كذلك لأطاعتنا حين كان القرار في أيدينا ولم تكن قلوبنا بعد ذاقت وبال أمرها!.. يا سيدي سافرتٌ وإياك حول الشمس في قصيدة، وسكنت وإياك سطح القمر في أمنية، وكان جناحك بساطي وجناحي رداءك.. روحك مرفأي وروحي مرساك.. معك قرأت تاريخ حياتي بقوائمه السوداء والبيضاء وكنت منصفاً حين جعلتني "جوهرة بيد فحام" دون أن تعلم تفاصيل حكاية كنت فيها ملكة بلا عرض، ثم شاءت الأقدار أن القي في طريقي ملكاً بلا تاجٍ ولا حاشية لكن الذي لم أعلمه عنك كان كافياً لأترك التحليق حول نفسي ونفسك واكتفي بذكريات من الورق وعقارب ساعةٍ بيضاء لم تذق طعم الوقت حتى هذه اللحظة.
واليوم اكتفيت أن أعيش كخمرة حلال في كأس محصنةٍ بقلاع وتلال وسهول من الكلمات الذائبة في رشقات ساحرة، وقررت أن أتجمد على أوراقي كقطرة ندى تختزل في ذراتها الشريط الجيني الوراثي للحب، وسأعيش كنواة خلية غير قابلة للانقسام والتكاثر، سأعيش كما بدأت وحيدة إلا من ذلك الصوت الذي اختلطت نبرته الدافئة بخلجاتي المثلجة، فصنعت من أحاسيسي حساءً أطعمته الوحدة والانتظار.
يالهذه الحياة كم تعبث بقلوبنا وكم تعصف بعقولنا وكم تحطم أفئدتنا.. ثم ماذا؟! أيها الليل الطويل؟! ثم ماذا؟! هل ينتهي زحف النجوم نحو الأفق؟! هل ينام القمر، هل تنطوي صفحةُ الغربة، هل يعود الوتر وتحن الربابة، هل ترقص أناملنا ونشعُر بقشعريرة الوصل تغمض أجفاننا.. هل ننضجُ بما يكفي لنتوب من اللهو بنقاط الحروف ورسم الكلمات واستنساخ المعاني! هل انتعل النسيان من جديد وانسي تفاصيل قلبك؟!
* الحب يا سيد العشاقِ مدرسةٌ
طلابها ولهى من الفريقينِ
لا فصل فيها ولا حتى معلمةٌ
وبعض مادتها شفةٌ وعينينِ
عنوانُ مدرستي أنت تعرفهُ
فهل أضعت يا سيدي منك عنواني؟!
ألطاف الأهدل
هل انسي تفاصيل قلبك؟! 2388