;
ألطاف الأهدل
ألطاف الأهدل

بيوت معتمة 2122

2011-05-26 18:32:16


بيوت ربما لا تختلف قلوب ساكنيها عن جدرانها الأسمنتية، قلوب ليس لها شفرات حساسة ولا أستار شفافة ولا وسائد مخملية مشتاقة، قلوب من حديد كل ما يقع على أرضها يمكن أن يحدث ضجيجاً عارماً، قلوب يمكن أن تصدأ إذا حاولنا إنعاشها بقطرات من ماء الحياة.
الحب ماء الحياة الذي يصلح تلف الأيام، لأنه يروي صحراء مشاعرنا بعد جدبٍ طويل.. طويل.. بيوت الصمت فيها لغة، والنظرات الجائعة سلوك يومي مخيف يستخدمه الزوجان كوسيلة لإعلان التمديد الغير معلن لحالة الطلاق النفسي التي يعيشها كلاهما بصمت.
الطعام يلعب في تلك البيوت دور الوسيط الضعيف، لأن المائدة هي المكان الوحيد الذي يجتمع إليه الجميع، لكنها للأسف لا تستطيع تقريب وجهات النظر ما دام الجميع صامتاً وما دام كل منهم لا ينظر إلا في طبقه.
بيوت لها رائحة الهجر لأنها مبخرة بالبعد والنوى، أثاثها باهت مهما كان ثمنها باهظاً وزواياها مظلمة مهما زينت أسقف حجراتها المصابيح الأنيقة والنجف الفاخر، لأنها بيوت مؤسسة على شفى جرف هار، تسكنها العتمة في وضح النهار وتقف على أعتابها الأزهار وتخاف أن تعزف على شرفاتها الأوتار.
بيوت ملّت جدرانها وهي تنصت باهتمام لآهة أو همسة تكون مفتاحاً لموال وصل لذيذ، لكن لا آهات ولا همسات، أجساد ترعاها الأقدار، وأفكار الليل يمحوها النهار.. والكل يرى في الآخر مجرد قرار.. وهكذا كآلة يعيش كلاهما.. هو يرى في عمله قبلة المقدسة وهي ترى في مطبخها محرابها الطاهر.
وأما تلك الحجرة التي يخاف البوح بأسرارها الزوج والزوجة، فهي مجرد هامش على قائمة طويلة من الاهتمامات والواجبات.
هي وهو يعيشان في أحلام يقظة من نوع آخر غير تلك التي نعيشها أحياناً لنشعر أننا بشر، هما أسيران لذات غائبة لا وجود لها بينهما، لأنها ذات كاذبة لا يستطيع حتى الخيال أن يستوعبها، ليس لها تأثير يأسر الآخر وليس لها ذلك البريق المذهل في عيني كل منهما.
بيوت ليلها لا يختلف كثيراً عن نهارها وحتى الأطفال الذين يظللهم هذا الصمت فيها ينشأون كغرباء لأنهم عاشوا عمراً ضيوفاً على مسرح تراجيدي صامت.. وفي الوقت الذي تدب فيه الحياة في بعض البيوت وتشتعل فيها ديناميكية العلاقات الزوجية والأبوية، تبقى تلك الأخرى جامدة ربما حركتها الأحداث الجسام فقط ثم تعود لتموت صمتاً.
الحب هو الشعور الذي يحرك الحي والجامد وإذا لم يوجد بين اثنين تحولت حياتهما إلى قصة "شابلينية" بلا ألوان ولا حوار.. تلك الأمسيات للآخرين خلف الجدران، ربما أشعلت الفضول في صدر أحد الزوجين، لكنها لا تفعل الشيء ذاته في قلب الآخر، ومن هنا تبدأ النهاية إذ ما من شيء أقسى على قلب المرء من أن يكون الماء بين يديه ويبقى يشكو العطش والأمر أسوأ عندما يكون هذا الماء عذباً زلالاً مُحلى بالعسل.
هل تشكون الغربة في بيوتكم؟، على مخادعكم؟، داخل صدوركم؟، هل تعانون هذا فعلاً؟!، لا تلتفتوا إلى الخلف أبداً.. باستطاعتكم فعل الكثير، تجاهلوا التاريخ الأسود لشركائكم وحاولوا أن تجروهم إلى مربع اهتماماتكم أنتم.. ماذا تريدون؟ الحُب؟ الطاعة؟ الاحترام؟ ابدأوا بإعطاء كل ذلك بمنتهى الصدق وستحصلون على المزيد، مما ترغبون في الحصول عليه.
ضعوا علامة [×] على كل ما يسيء إلى علاقاتكم الزوجية، وابدأوا بإشعال الضوء شمعة.. شمعة، أنفقوا المزيد من الجهد والمال لخلق سلوك جديد ترغبونه من شركائكم، فقط ابدأوا، ولكن لا تسرفوا في خيالكم كثيراً حتى يبدأ الآخرون باستيعاب ما تريدون.
 لا تعيشوا في دوائر مغلقة، الحياة لا تقاس بالسنتيمترات.. إنما تقاس بساعات السعادة التي حصلنا عليها بسهولة أو استطعنا أن نحصل عليها ببعض الجهد.. حين تشعرون أن بيوتكم صارت معتمة تلصصوا قليلا على قلوبكم وهناك فقط ستكون الإجابة.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد