;
ألطاف الأهدل
ألطاف الأهدل

هل رأى الفقر جياعاً مثلنا؟ 2210

2011-05-29 02:13:36


الفقر في اليمن أكثر ظهوراً منه في مجتمعات أخرى فقيرة أو ربما أشد فقراً لأسباب عديدة جداً، يكمن بعضها في الموارد الطبيعية والبعض الآخر يكون منشأه الموارد البشرية، وعلى رأس هذا وذاك عدم وجود التخطيط الاقتصادي الصائب والقادر على استغلال أكبر قدر من الموارد الطبيعية، لشغل أكبر عدد من الخانات الشاغرة من الأيدي العاملة مع وجود إستراتيجية احترام المهنة ونشر ثقافة أهمية المهن والحرف في تغيير حياة الإنسان والنهوض بمجتمعه.
فالمهنة أو الحرفة في مجتمعنا تصنف أصحابها إلى طبقات اجتماعية بعضها يأخذ طابع الدونية ويتسم بالاحتقار، بالرغم من القناعة السائدة لدى الأغلبية والتي هي كاذبة نوعاً ما بأن أنساب الناس وانتماءاتهم العرقية هي من يحدد طبقية المجتمع في اليمن.
لكن الأمر لا يبدو كذلك، خاصة في ظل أزمة الفرص الوظيفية وشحة المردود المادي لكثير من المهن والحرف، لهذا والسبب تتعدد مصادر دخل الفرد أحياناً من أجل إحداث الاكتفاء المادي المطلوب واللازم للأسرة، ولكن يبقى الدخل شحيحاً أيضاً نتيجة لارتفاع الأسعار وتغير أساليب المعيشة باستمرار مع الأخذ بعين الاعتبار تلك الأزمات السياسية المتلاحقة التي مرت بها البلاد خلال العشرين سنة الأخيرة، ابتداءً بحرب الانفصال ومروراً بحروب الحوثيين ووصولاً إلى هذه الثورة التي لم تعد تظهر لنهايتها أي بوادر مطمئنة حتى اليوم.
وبالعودة إلى الفقر، فإن أساليب تلقائية كثيرة تعبر عن هذا المرض الاجتماعي والاقتصادي الخطير كوجود طبقة المهمشين مثلاً وزحف الكثير من الأطفال إلى أرصفة الشوارع بحثاً عن فرص عمل زهيدة الأجر، لا تخلو من تحرشات مسعورة من كل شكل وصنف ولون، أو قد يأتي هؤلاء على دين آبائهم الأولين، ليجعلوا من التسول مهنة تقيهم نيران الجوع وخزي العُري، انتشار الفساد الأخلاقي أيضاً وامتهان البغاء كوسيلة لـ"أكل العيش"، لم يأت إلا بوجود الفقر شاهداَ أولاً، إذا اعتبرنا قلة الوازع الديني شاهداً أولاً في محكمة لا تقبل شهادة الفقراء ولا تصدق أقوال الجياع من أبناء هذا الوطن.
في اليمن ثروات لم تعط حقها من الاكتشاف والتوظيف ولو أن مساحة كبيرة من تلك الأراضي الصالحة للزراعة استغلت في زراعة محاصيل اقتصادية من الفواكه والحبوب والخضار لانخفض مستوى البطالة بين الشباب ولوجد السوق الحلي أصنافاً معتبرة من تلك المحاصيل ترفد المطبخ اليمني بأطعمة جيدة قلما يأكلها الناس.
تربية الحمام أيضاً لماذا لا تكون حرفة؟ ألا يحب الناس هنا طعم الحمام المحشي بالفريك؟ لماذا تبقى بعض المهن للتسلية فقط، زراعة الأزهار البلدي والمشموم والكاذي، لماذا لا تصبح هناك محال خاصة بتجهيز باقات وخلطات منها يستمتع بها الناس رجالاً ونساءً على السواء؟ لماذا لا تكون هناك معامل خاصة بأشغال الصوف والتريكو، تجمع أكبر قدر من النساء الأرامل والمطلقات أو حتى الشابات ذوات الميول الفني والقادرات على الابتكار وتزويد سوق العمل بمنتجات جديدة مميزة للصغار والكبار؟.
صناعة البخور وأنواع معينة من طيب الشعر وأعشاب الجسم لماذا لا تكون لها معامل تستوعب المتميزات في هذا المجال وتثري أسواق الجوار بمفاخر الصناعات اليدوية اليمنية ذات الامتياز؟
لماذا تقتصر مزارع الدجاج في اليمن على تربية الدجاج فقط، كنوع من أنواع الطيور؟ وهل يجب أن تكون هناك بحيرات وضفاف حتى تربى أنواع أخرى من الطيور كالبط والوز والحبش وسواها من الطيور ذات المذاق اللذيذ.
ينطبق علينا بشدة في اليمن المثل الذي يقول: "جني تعرفه ولا إنسي ما تعرفش"، حيث يستمر التركيز على أنواع معينة من الطعام وأساليب معينة من المعيشة وأنماط معينة من الكلام ولا يدخل التجديد في حياة الناس لا في أشياء نادرة جداً تأتي مرة كل عام مثل كعك العيد مثلاً.
هل هو الفقر أم أنها سياسة تفقير؟ أم هي افتقار لأساليب الإدارة؟ أم أنها فقرنة بالفطرة؟
هل في الدنيا فقراء مثل فقراء اليمن يرقعون الثياب والأحذية وحتى أمراض الجسد المستعصية؟ هل في الدنيا جياع يأكلون من صناديق القمامة مثل جياعنا؟ هل في شوارع الدنيا مجانين مثل مجانيننا، ليس لهم دواء ولا مأوى ولا حتى ثمن؟
هل في دول العالم شبابٌ بلون الزهور وشكلها، يكابدون الفقر بأعمال السمسرة والفهلوة والحنكشة بأشكالها وألوانها مع أرباب اللوحات البيضاء الذين يخدمهم فارق العملة بالحصول على الكثير مقابل القليل؟
لماذا تصبح المجتمعات الفقيرة "أوكازيوناً" مفتوحاً لأشكال الاستغلال وألوانه؟ ألا يكفيها فقرها ألماً؟ ولماذا يجتمع الغنى بالفجور دائماً؟ بينما لا يعرف الفقر السرور غالباً؟
بالمناسبة لماذا نستخدم أشجار التين كحماية للمزارع ولا يوجد مزارع لفاكهة التين بعينها؟ هل لأن أصحاب الجواري فقط هم من يجب أن يبيعونها؟ ألم أقل لكم إن المهن والأنساب أصبحت تقسم المجتمع، بينما لا يوجد سوى ميزان التقوى لتفضيل الأكرم إلى الله؟!
،،،،

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد