في مديرية الشعر قضايا كثيرة لم تصلها الحلول, لكنها ظلت متروكة "للشعريين" أنفسهم, وهم أدرى بشعاب مديريتهم ومشاكلها, هذه القضايا يبدو أنها ستبقى عالقة ما بقى الصمت حاضراً, أو لعلها سترحّل إلى أرشيف المآسي المتدثر بالإهمال..
من هذه القضايا على سبيل المثال لا الحصر, محطة البترول الوحيدة في المديرية؛ تلك التي لم تسلم من أيدِ الفساد التي تطال كل ما هو جميل في هذا الوطن النازف حد الاحتضار.
لقد امتدت أيدي أصحاب الجاه والسلطان في المديرية لتغتصب وتمتص ما أبقته الظروف المعيشية السيئة للمواطنين من حقوق, دون أن يكون للحياء حضور في وجوههم البالية.
أحدهم, ينال ألف لتر من مادة البنزين كحصة أساسية في كل شحنة تصل المديرية, ليدخل بهذه الكمية المغتصبة ـ دون وجه حق ـ السوق السوداء كتاجر بنزين من العيار المؤتمري الثقيل, وآخر تصله وحاشيته نسبة من فارق السعر المضاف على القيمة الأساسية " للدبة" كهدية رمزية من صاحب المحطة بهدف السكوت عن الجرم الذي يُرتكب بحق المواطنين من أبناء المديرية, بينما هنالك من هم أقل لطشاً أو بمعنى آخر من لم يستطيعوا الوصول إلى مراتب "اللصوصية العليا" بل اكتفوا بالقليل, على أمل أن تكون الأيام القادمة أكثر فيداً, هؤلاء يقومون بالحصول على كمية كبيرة من مادة البنزين بعدد من الطرق الملتوية ـ المسكوت عنها ـ كأن يتم تعبئة سياراتهم الواقفة باستحيا ضمن طوابير المواطنين ثم يتم إفراغها على عجل, لتعود السيارات مرة أخرى إلى الطوابير بينما تذهب مادة البنزين إلى الأسواق لتعود عليهم بالقرش الأبيض في الأيام السوداء التي تعيشها أعماقهم الموبوءة بالجشع..
العجيب أن محافظ المحافظة القاضي/ أحمد الحجري زار المديرية في الأسبوع المنصرم بهدف الاطلاع على سير الامتحانات الأساسية والثانوية, فاستقبله مدير الناحية وأمين عام المجلس المحلي بإشهار خلافاتهم المحتقنة؛ تلك التي دفعت بالمواطنين للتجمهر أمام إدارة الناحية للمطالبة برحيل شرذمة الفساد من المديرية والعمل على إصلاح الأوضاع المزرية التي تشهدها, إلا أن المحافظ بجلالة قدره غض الطرف عن ذلك وعاد أدراجه سالماً.. دون أن يحرك ساكناً.
بالتأكيد فإن سياسة الصمت التي فرضتها الثورة على القيادات المتهالكة كانت السبب الحقيقي وراء ذلك..
هكذا تعيش مديرية الشعر واقعها المرير أمام مرأى ومسمع من الجميع حتى أولئك الذين وهبهم المواطنون أصواتهم ـ كي يحمونهم من بطش الباطشين ـ تحولوا إلى سماسرة يتاجرون بالحقوق ويسترزقون على حساب تلك الأصوات التي استجدوها ذات ديمقراطية غابرة.
*ومضة*
بعض أصحاب السيارات كانوا يوهمون أصحاب المحطة بأن لديهم عوائل حتى يتمكنوا من تعبئة سياراتهم بصفة مستعجلة غير أن الطريقة كانت مضحكة جداً ولا تكلف أكثر من 500ريال.. "والبركة في أصحاب البشرة السمراء!!"
almonef86@yahoo.cm
منيف الهلالي
لصوص البنزين 2239