في رمضان:
تهدأ النفوس وتنشرح القلوب بطقوس روحانية دينية خالصة ، لما لهذا الشهر من فضائل عديدة ومكانة رفيعة في قلوب المسلمين ، فقد أكرم الله عباده بالنصر وجعله شهر القرآن وكتب فيه الرحمة والمغفرة والعتق من النار، فطوبي لعبدٍ فاز برضوان الله واغتنم هذا الموسم الثمين من أجل العودة إلى الله سبحانه وتعالى طلباً للعون والفرج وأن يرفع الغم ويكشف الضراء ويسمع الدعاء ، دعاء بقلوب صادقة لله عز وجل ، فأهلاً بالتائبين العابدين العائدين إلى الله في شهر العبادة والطاعة.
شباب المساجد:
تكتظ المساجد في أغلب بلدان المعمورة ، تلك التي يعيش مواطنوها بدين الله عز وجل وهم طامعين برحمته وعفوه ورضاه ، شباب شيوخ وحتى أطفال، ويالها من مناسبة عظيمة تعمل على زيادة تهذيب النفس وتربية الروح وتزرع في العبد أنبل معاني الولاء والخضوع لله عز وجل ، ولا يختلف وطننا عن كثير من المواطن التي تجد فيها المساجد في هذا الشهر الفضيل يعودون إلى الله سبحانه وتعالى ، ليس بمعنى أنه لا يوجد عبادة ولا صلاة ولا مساجد إلا في رمضان بقدر ما يكون فرصة مواتية لاكتساب آداب الدين الحنيف والتربية الروحية المطلوبة ومزيداً من الإيمان، ولعل البعض يقتنع ولو قليلاً بمسألة دوران الحياة وأن الخلود ليس إلا لله عز وجل وحده ، مهما حاول بنو الإنسان طرق كل الأسباب من أجل البقاء في مناصبهم ومن أجل التمسك بكراسيهم الزائلة لا محالة .
عبّاد الليل أبطال النهار:
البعض بالرغم من أنه يداوم على حضور الصلوات في المسجد ويقرأ القرآن ويتحلى بكل مظاهر الإسلام من خلال الابتسام والصبر والتغاضي والود ، والبعض تجده يجسد كل ما سبق من بعد الفطور لا غير ولا تجده طوال اليوم إلا مكشراً عن أنيابه وكأنه يصوم لك وليس تقرباً لربه من أجل طلب عفوه ورضاه ، ومهما تعددت أسباب الضيق والكدر وقلة الصبر في قاموسنا نحن اليمنيين إلا أن رمضان لدى البعض فرصة للعراك يومياً ومشاهدة الدماء في الأسواق واغلب الأماكن المكتظة، ما يدفعنا للتساؤل هل رمضان بالفعل فترة لاختبار مدى صبر المسلم؟.
إلا التُّجَّار:
رمضان في كل مكان يتجلى بصورة الوقار في ملامح أغلب الناس والتقى والذكر والاستغفار وبالرغم من كل مظاهر الإيمان والروحانية ، إلا أن للتجار طقوساً أخرى في رمضان، فهو بالنسبة لهم مناسبة للربح المضاعف من الأموال وعليه تجد أن اغلب السلع الغذائية ترتفع بصورة جنونية دون خوف ولا حياء ، ولعل هذا العام كان الغياب الكلي لأبسط مظاهر النظام جعلت الكثير من التجار يعتبرونه الفرصة الأنسب من اجل احتكار بعض المواد ورفع الأسعار كلا حسب هواه ودون مراعاة للظروف التي يعيشها الوطن والمواطن على حد سواء وتسمع التبريرات كثيرة والأسباب التي لا تمت إلى الواقع بصلة متعددة من قبلهم، ولكن "لا حياة لمن تنادي ويا فصيح لمن تصيح" ، كل تاجر يعمل ما يحلو له ويتعذر بانعدام المشتقات النفطية التي تسهل وصول البضائع وهذا بعد أن تبدأ الشركات الكبرى والمصانع برفع الأسعار بنسب متفاوتة لتصل إلى المواطن المستهلك بأضعاف مضاعفة وهم يعلمون أن الله وحده يضاعف لمن يشاء بالأجر والحسنات بموازين الأعمال وليس بموازين التجارة التي يعملون عليها، ويحاول أصغر تاجر أن يصبح من ذوي المليارات خلال شهر واحد ولا تجد أي سلعة إلا وطرأت عليها زيادة بحجة أن كل شيء في ارتفاع ، وإذا ما حاولنا التطرق إلى بعض السلع ابتداء بالشمعة التي وصلت لخمسين ريالاً، ومن ثم انعدام البطاريات التي تتيح للمواطن استخدام كشاف صيني (فانوس بطاريات)، فهذا جعل من الأمر يبدو فيه شيئاً من الغرابة ويضع حول مصنعي ومستوردي الشمع ألف تساؤل وتساؤل، ويربط الأمور ببعضها ، ووصولاً إلى القمح والسكر والزيوت وكان الله في عون المواطن الضعيف المسكين الذي لا يكاد يستوفي متطلبات قوت يومه، فكيف بالمعدمين ومن لا يملكون شيئاً ، والأعجب من هذا كله أن تجد بعض التجار في نهاية الشهر الكريم يتهرب من دفع الزكاة التي هي مفروضة على كل مسلم وواجب على الغني ليستفيد منها الفقير وكل من خصهم الله بها وباستحقاقها، وبالطبع ليس العاملين عليها فحسب كما هو الحال في وطن التراحم والتعاون والعمل على النهوض بالوطن ، ليس في وطن تغرقه المشاحنات ليل نهار من اجل التكهنات والتوقعات والأقاويل التي لم نجن منها سوى وبالاً وخراباً وتخلفا فوق الذي كنا نعانيه ، ولكن من يفكر بقليل من الوعي والمنطق والعقل ، ودمتم سالمين..
مرسى القلم :
خير الشهور اليوم جاء ** وقلوبنا بليل الدجى
تدعوك بدموع الرجاء ** يا ربي فيك الملتجى
a.mo.h@hotmail.com
ألطاف الأهدل
موسم العودة إلى الله 2412