;
ألطاف الأهدل
ألطاف الأهدل

حين خافت الحمائم! 2138

2011-10-17 04:46:53


أهم ما يمكن أن تقوم به في أيام الحرب أن تبقى منصتاً جيداً لصوت الموت وإلا صعقتك النوازل ونسيت في غمرة الاحتضار أنك بشر ـ هكذا وجدت نفسي ـ وقد ألقيت أقلامي وأوراقي وصنعت من وسائدي تابوت خوفٍ وأنا أنصت لترنيمة الموت تخترق آذاني وتقتحم شراييني وتدفعني إلى البكاء كطفلة لم تعتد بعد على صوت الحروب الطاحنة، لكنني رأيت شيئاً في تلك اللحظة الحافلة بالظلم الإنساني وهو ما جعلني أعود إلى سكينتي بسرعة واستجمع شتات أفكاري لا صورة لكم كم رأيت في آية ربانية جميلة جداً محفوفة بالرحمة وهي في رحم الغضب!.
 كانت العاشرة والنصف صباحاً حين وقفت أمام شباك غرفتي بخوف بعد أن أفزعني صوت القنابل والأعيرة النارية القريبة جداً من منزلي، توقفت العربات فجأة على جانب ا لطريق وبعضها الآخر غيّر اتجاهه تماماً، خاصة باصات النقل العام، الرجال يركضون والنساء يختبئن في الزقاق وبعض الشباب يهتف لأصحاب العربات بكل ما أوتي من قوة "اشتباكات.. اشتباكات" ليحثهم على العودة في الاتجاه المعاكس.. 
حالة فوضى عمت المكان والسحب تطل عبر نافذة السماء لتشهد وابلاً من النيران، تمطره الأرض بعد أن فشلت رعود السياسة وصواعقها في إخافة البشر، كان سرباً من الحمام يهرب من صوب الجبل "موضع الدبابات" إلى جهة المنازل ليتفاجأ برذاذ الرصاص المقاوم ينطلق صوب الجبل، وكأن ذلك السرب احتار أين يذهب فإذا به يعود صوب الجبل ويستقر بكامل أفراده على صخرة سوداء كبيرة ولمدة لا تقل عن ساعة كاملة وأنا لا زلت أرقب حركة الشارع والناس وأدرب نفسي على سماع تلك الأصوات القاتلة، وكلما اتجهت بنظري ناحية السرب أجده لا زال مستقراً في حالة خشوع تام، سرب حمام أبيض يستقر على صخرة سوداء بينما تتساقط قطرات دم غزيرة في مكان آخر، دماء يمنية من أبناء الوطن ومن كلا الفريقين، الحمائم اتحدت في محراب صمت حين شعرت بالخطر، ونحن تفرقنا في أشد اللحظات حسما وخطورة، الحمائم خافت فحلقت بجناحيها نائيةً عن مكامن الشر والخطر وليس لأطفالنا ونسائنا وأبرياء الوطن أجنحة ليبتعدوا عن هذه النار المحرقة.. ولقرابة الساعة وأنا أراقب هذا المشهد الذي هز زجاج نوافذي وحطم فؤادي قلقاً على مستقبل أمة يتصارع أبناؤها على لا شيء.. لا شيء..
كيف لسربٍ من الحمام يملك أجنحة تمنحه فرصة الهروب والنجاة من الموت أن يبقى ساكناً على تلك الصخرة حتى تهدأ العاصفة؟! الا يملك عقلاء هذا الوطن مثل هذا التروي؟! ألا يعترف المنظرون بعجزهم أمام حكمة هذا السرب الذي أثبت أنه يجيد اختيار ساعات الكر والفر أكثر من البشر؟!.
"ضبط النفس" مصطلح كرهناه حين استخدمته أميركا مع الفلسطينيين وهي تقف في صف إسرائيل، لكنني اليوم اكتشفت أن الحمام استطاع أن يطبق هذا المصطلح على نفسه في أشد اللحظات حاجةً إليه.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد