من العدل الاعتراف لهذا الشعب العظيم بأنه من أقوى شعوب الأرض وأكثرها صبراً واحتمالاً لظروف ا لحياة العصبة وطفرات الأحداث ونكبات التاريخ التي لا ترحم أحداً، ومن الحق القول بكرم هؤلاء البشر الذي يجودون بالثمين والنفس إذ لا شيء رخيصٌ يملكونهُ وهم أهل الفقر وخاصته، الوقوف من محراب الحكمة وعلى منبر العدل وعلى منبر العدل يحتم علينا أن نبتعد عن تبطين آرائنا بالازدواجية ونشر وجهات النظر بيننا على جبل البحث عن الشهرة بل التشهير إن جاز لي التعبير.
هذا الشعب الذي بقي متدلياً بين حافتي الفقر والغني ويكاد أن يسقط في شق التطرف ويعيش مختباً في جحور العرقية لا بد أن يحصل على فرصته في الخروج من هذا الوضع السيء ويجرب التخطيط المستقبلة بيديه هو ووفق ما يراه مناسباً لإمكاناته بعد تأكيده للجميع أنهُ يستطيع إدارة ممتلكاته الثورة والتاريخية ويعيش ضمن مجتمع مدني متطور بعيداً عن سياسية التأثير والتأثر بالآخر وبمأى عن ثقافة العرقية التي غرستها فكرة التكتل حول بناء القبيلة وعززتها تلك الشراكة المورقة بينها وبين كتلى الحكومة، لكن لم يعد يخفى على أحدٍ القول بأن القبيلة لدينا ساهمت بشكل فعال في حماية سلمية الثورة بالرغم من أنها اليوم مضطرة لحمايتها بقوة السلاح!
شعبنا من أبسط شعوب الأرض فطرةً وسلوكاً لنه من أعقدها فكراً ومنهجية إذ يستطع الإنسان اليمني أن يتقبل أي فكرة سياسية أو ثقافية أو اجتماعية لكنك مهما بذلت من جهد لن نستطيع أن تقنعهُ بتنفيذ تلك الفكرة أبداً، إن لدى هذا الشعب رؤية صادقة ومختلفة في التعاطي مع الأمور لدرجة مدهشة لأن هذه الرؤية محفوفة بالتوكل ومتعمقة حد النخاع في التركيبة الأيديولوجية للمجتمع لكنها لا تغفل الجدية الوقوف بشموخ أمام مجريات الأحداث مهما كانت حساسيتها تجاه الأشخاص أو العقائد أو السياسيات القائمة وهذا بدوره بضع الرأي الشعبي أمام مرآة القرار الصائب دون وجود ثغرات كبيرة تسمح بظهور أصوات نشاز قد تعطل مسار الحياة الحافلة بالتغير وتعوق من وصولها إلى طاولة الاستقرار الوطني هذا الشعب الذي فشل قبلاً في السيطرة على مشاعرة وضاعت أهدافه بين يدِ تصفع بقوة وأخرى تنحني بخضوع لم يعد اليوم كذلك لأنه وجد إجابة شافية لأسئلة قد تبدو قديمة في مضمونها لكنها جديدة في طرحها ربما لأنها أظهرت الحقيقة بوضوح وبساطة خالية من التعقيد، ولم تكن الثورة خروجاً من حفرة مظلمة إلى حفرة أخرى أشد ظلمة إنما كانت شغله أنارت قلوبنا وعقولنا بالرغم من حصدناه وما سنحصده من أحزان على فراق أحبابٍ لأحبابهم واحتراق بقاع كثيرة من أرض الوطن بنار التخريب والتنفة لكن عزاءنا في طعم الحرية الذي بدأنا نتذوق ونكهة التغيير الذي بدأت تلوح طلائعه في مجرد التفكير باستعدادنا لبناء يمن جديد وفريد وعلى الأقل سنجد مجالاً يُفرغ طاقاتنا المكبوتة منذ سنتين! هذا الشعب جميل رغم رمادية معالمه وضبابية تفاصيله وترابية ملمسه، جميل رغم تقاسيمه الشاحبة وتضاريسه الهزيلة وشرايين أرضه التي تفتقد لدفق الحنين الفطري وسيل الإنسانية الطبيعي.
ألطاف الأهدل
شعبنا يا شعبنا.. 2309