أحياناً توصُد أبواب عقولنا وقلوبنا وتبقى كلماتنا وأحاسيسنا ومشاعرنا قائمة على أبوابها، تتوسل الدخول وترتجي الوصول دون جدوى، وأحياناً تصبح قلوبنا وعقولنا مزاراً لكلمات أحدّ من نصل السيف، وأكثر جرحاً من خنجر مسموم، وأقوى فتكاً من قنبلة ذرية مبيدة، ومع هذا نحاول الوقوف من جديد ونحن نبحث عن أرضٍ صلبة لا تبتلع وقع أقدامنا ولا تنسف آثار خطواتنا ولا تعبث بما تبقى من جميل فينا يحدث أن نشعر بالغربة ونحن مع من شاءت الأقدار أن يكونوا منا وفينا، دائماً تبقى حلقة الود مفقودة مهما بدت ابتساماتنا حانية وأحضاننا مفتوحة، الحب لا يولد في المستنقعات، لأنه لا يٌعلق في رحم بعوضة!.
الحب شيء آخر غير الذي يعرفه الناس ويستخدمهُ البشر ويدعو إليه العامة والخاصة، هو ليس وليد لحظة غريزية تتهيج في شكل زوبعةٍ حميدة لا تلبث أن تنطفئ ليحل محلها الخراب والدمار، هو ليس أحجية يتقن السمار إثارة النقع حولها بشراسة المحاربين، هو ليس آنية يمكن أن تجمع بداخلها ما لذ وطاب، ففي الحب ألم وقسوة وجراح وقرارات مصيرية يمكن أن تحيي قلوبنا وتميتُ أخرى، لكنها يجب أن تحدث، أجمل ما في الحب أن يبقى سراً، نعم قد يعملهٌ الناس، لكن طالما وأن الفراق كان مصير المحبين، يبقى حبهما سراً، مبهماً، لم تفضح الحواس تفاصيلة المؤرقة، أحياناً تصبح مثل أجهزة الموبايل خاصتنا، الوانها جذابة، مغلفة بالأناقة، رائعة الصنع، خلابة.. لكنها لا تعمل إلا بإدخال الرمز!. وهكذا نحن لدينا رموز هي سبب سعادتنا، هي من تجعل ضحكاتنا هادرة، وعنفوانيتنا مطلقة، وحبورنا آسراً، تلك الرموز هي من تسحق أحزاننا، وتبدد بعض آلامنا وتبقى تعمل كإشارة مرور ساحرة عبر أحداقنا، تكون حمراء حين نخاف البوح ونستلهم النسيان، وتصبح صفراء حين تقودنا خطواتنا نحو البر بأرواحنا ووصلها بما تحب وتهوى، ثم تمسي خضراء حين نصل إلى شاطئ العاطفة وهناك فقط نبني أعشاشنا ونسدل حولها جدران الأمان.. ونعيش، لكن ماذا لو أن لوحة المفاتيح تلك توقفت عن العمل، ماذا لو أن رموز السعادة توقفت عن التشغيل، ماذا لو أن فيروساً خبيثاً عطل وصلات الإحساس ففقدنا الشعور بما يدور حولنا من تراتيل الموت والحياة؟!..
هنا يبقى حبنا سراً جميلاً ترعاهُ قلوبنا بحنان حتى تحين ساعة الاحتضار، يشكون كثيراً من قلوب متجمدة كالجليد، مصمدة كصخر الصوان، جافة كصحراء أفريقية مترامية الأطراف صوب اللآشيء، يشكون من عقول لا تستوعب الحاضر وترفض الماضي بكل ما فيه وتطمح لاختصار المستقبل في ذاكرة.
الحياة ليست وردة ولا شوكة، هي وردة محمولة على ساق غرست على جبينه الأشواك، حياة وموت، حزن وفرح، أمل وألم، تفاؤل وتشاؤم..
الحياة هي أن تشعر بالحزن وأنت في قمة السعادة وأن تبتسم وأنت تتجرع الألم أشكالاً وألوانا..
هذه هي الحياة، ولم لم تكن كذلك مانتهت بالموت كمحطة رحمة قبل أن تبدأ الحياة السرمدية الحقة، لا تبقوا أبواب قلوبكم مشرعة أو موصدة، أبقوا أبوابكم موارية لوصول هدايا القدر.
ألطاف الأهدل
لوحة المفاتيح لا تعمل! 2499