وجدت نفسي مضطرة وبقوة لاستعارة التسمية فقط من المسلسل التلفزيوني "مطلوب رجال"، حين وقفت للحظة أمام عناوين عريضة مقروءة ومسموعة تتحدث عن انفجار سياسي جديد داخل اليمن تعود أسبابه إلى تأخر البت في مشروع الحصانة الممنوحة للرئيس السابق وتتضمن إعفاءً من الملاحقة القانونية القاضية بإدانته وبعض أفراد أسرته بجرائم ضد الإنسانية خلال الأشهر السابقة مع عدم وضوح قراره النهائي في السفر إلى الخارج أو عدم حدوث ذلك.
والحقيقة أن فلسفة التحليل السياسي والتوجه الإعلامي نحو الوصول إلى نهاية مشرفة للمشهد في اليمن يزيدان الطين بلة حين يعلنون إمكانية حدوث ذلك الانفجار وكأنه مجرد انفجار في صحراء بعيدة خلال عرض عسكري مفتعل!.
نحن بحاجة إلى رجال حقيقيين، جديرين بتحمل المسؤولية والنتائج المترتبة عليها، إذ ليس من الضروري أن يكون الضحايا من صفوف الشعب في كل مرة، يجب أن يقدم الكبار دروساً في التضحية أيضاً.
نريد مواقف حقيقية تعالج المرض دون أن تبقي الجرح مفتوحاً، نريد خطوات ملموسة على أرض الواقع، نريد أن نشعر أن هناك من يستوعب حجم القضية ويؤمن بها ويستطيع استشفاف أبعادها، أما أن ينسحب فلان ويصمت علان، فهذا من قلة الشهامة في لحظات الحاجة القصوى.
مطلوب رجال يحسنون صناعة القرار أكثر مما يجيدون احتساء قهوتهم ببرود كل صباح خلف شرفاتهم المقاومة للرصاص، نريد رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، أو ليس الذود عن حمى الوطن وحفظ كرامة أهله وصون شرفهم جهاداً في سبيل الله؟!.
نريد رجالاً يجاهدون جهاداً حضارياً، لا بالرصاص والقنابل ومسيلات الدموع، بل بالعقل والحكمة والمنطق ووفق ما نصت عليه الاتفاقيات التي دعت إلى السلم وحقن الدماء، لا نريد أن نربح الفرد ونخسر الجماعة، فالسياسة الحقيقية عدل وليست ظلماً.
اليوم هو يوم العقلانية والسير بروية في طريق زلق لا يمكن تجاوزه بهذا الحجم من التهور واللامبالاة، على الإعلام أن يروج لأهمية الفترة القادمة وأن يحاول توعية الناس لأهمية السير وفق بنود المبادرة والتجهيز لاستقبال حدث الانتخابات بجاهزية وضبط النفس أمام من يحاول اغتيال اللحظات التاريخية من حياتنا ويحولها إلى هزائم مخزية أو انتصارات محرجة لهذا الطرف أو ذاك.
نريد رجالاً يتقنون فن الإصغاء لصوت الضمير الحي مهما كان صوته خافتاً، كيف تتحدثون عن العودة إلى مربع النار وقد دفع الوطن ثمن تلك المرحلة من أثمن ما يملك؟!، أم لأنكم لم تجربوا طعم الوقوف أياماً ضمن طوابير المشتقات النفطية ولم تذوقوا طعم الغصة في حلوق الأمهات وهن يودعن شباباً بسن الزهور كانوا بالأمس صقوراً حول أعشاش أمهاتهم، لا تهاب الردى، ولم يمتحن الله عافيتكم بالبتر واقتلاع الأعين وتشويه الأعضاء؟!، لم تشعروا بما كان يعانيه الناس، ماذا ستجنون من قنص الأرواح إلا أن تجرعوا كأس الموت ألواناً بين يدي ملك الملوك؟!.
يا جماعة هذه هي ساعة الرجولة الحقة والمواقف الصلبة، اليوم هو يوم نكران الذات ونسيان الملذات ورحم الله امرئ عرف قدر نفسه، دون أن يسفه من قدر الناس.
ألطاف الأهدل
مطلوب رجال! 2015