دُعاة الانفصال والتفكك والانشطار يتعمدون إسقاط الوطن في مآزق متتالية؛ إذ يغيب عن بالهم وحدة الروح والفكر التي وصلت إليها بنية الإنسان اليمني ومزيجه الثقافي المتفرد الذي جمع عادات وتقاليد وطقوس شطرين منفصلين على مساحة جغرافية واحدة تشكو ذات الهم ونفس المشكلة..
يفكر هؤلاء بطريقة اقتصادية أو بشكل أوضح بطريقة مادية تفرض على الأجزاء المنفصلة ذات الموارد الطبيعية الجيدة حق السيطرة على تلك الأجزاء التي تفتقد لوجود مثل تلك الموارد، كأن تصبح عدن مثلاً ميناء اقتصادي مفتوح ومنطقة حرة ذات امتياز جغرافي متمكن وتكتفي تعز ببيع المشاقر والجبن المدخن وتبقى صنعاء بيت اللوز والزبيب والحديدة الجميلة مصدراً للحرف الخزفية واليدوية البسيطة.. وهكذا يتم تقاسم ثروات الوطن وطبقاته الاجتماعية إلى أجزاء غير متساوية لاكماً ولا كيفاً أيضاً.
هذه النية المغلفة باللؤم لا تتواءم مع الدعوة الشعبية للسلام والبناء ونبذ مظاهر العنف والتسلط ومحاولة تدمير الوطن بالقول والفعل والسؤال: متى تتم محاسبة تجار الحروب وإيقافهم عند حدّهم؟! ومتى تكون هناك آلية قوية لكبح حالة التمرد التي يفتعلها البعض هنا وهناك بهدف إيقاف نمو الحس السياسي الحكيم وعرقلة إمكانية اتخاذ القرار السليم تجاه قضايا الوطن؟! متى نشعر بأن الجميع متساوون في الحقوق والواجبات الفردية والاجتماعية؟
أعتقد أن تلك الأدمغة السياسية المهاجرة خارج الوطن والتي تعمل على صقل الرؤى التكتيكية والتدميرية وإظهارها كعنوان عريض على صفحة المطالب الشعبية يجب أن تتوقف للحظة وتعيد التفكير في مسؤوليتها الوطنية وأن تحاول تصحيح مسارها السياسي الذي يجب أن يكون مواكباً لتطلعات الشريحة العريضة من الشعب والتي أثبتت بالتجربة أنها تستطيع منهجة أهدافها وفق متطلبات المرحلة الراهنة والمستقبلية أيضاً.. إن هذا التطور المفاجئ في صناعة الحروب يضع على الطاولة السياسية سؤالاً هاماً: ما مدى علاقة الداخل بما يحدث على أرض الوطن؟! وأسئلة تحليلية أخرى تصب كلها في مجرى العلاقات الخارجية لدول تدعي قدرتها على مواجهة إسرائيل، ثم تفاجئنا بتورطها في حفر الخندق الإيديولوجي الجديد بين الشعوب العربية وحكوماتها المختلة سياسياً..
إن هذه الدعوات المقيتة للانفصال وتجميد حركة الدم في عروق أبناء اليمن الواحد يجب أن تؤد على طاولة حوار سياسي اجتماعي ديني حكيم قبل أن تبدأ جولة جديدة من إراقة الدماء اليمنية التي جاءت نتيجة عجز الحكم عن إيقاف سير المباراة في الوقت المناسب!.
ألطاف الأهدل
لا بد من ثورة حوار فاعلة 2071