أتساءل دائماً وبشدة هل بقي الآن أن يرحل الشعب؟! أقولها حين أجد البعض يتصرف بطريقةٍ همجية وكأن الآلاف ضحوا بحياتهم من أجل لا شيء، لا زال القاضي يرتشي لينصر مدعٍ ظالماً على مدعٍ عليه لا يملك من الدنيا إلا قوت يومه، الطبيب يوهم المريض بهول حالته ليأتيه بالدواء من صيدلية مجاورة للمشفى حتى تحقق نسبة أرباح لا بأس بها بعد يومٍ طويل من تعلم الحلاقة على رؤوس الأيتام!.. العسكري يحصل على دفع مسبق لتنفيذ مهامه التي تنص على غض الطرف عن الأسد وتقييد الغزال بالسلاسل ظلماً وعدواناً.. مدراء المدارس الأهلية أو الخاصة ينصبون لائحة النتائج بنجاح جميع الطلاب الذكي والبليد في مثل هذه الممالك التعليمية سواءً بسواء، مدراء متاحف يسرقون تاريخ وحضارة الوطن، مدراء مستشفيات أعضاء في عصابات بيع الأعضاء البشرية ومدراء جامعات يصادرون عقول عباقرة من طلاب بلادنا بسوء المعاملة ومدراء مكاتب للنظافة يتسببون في ظهور شوارعنا وحوارينا في أسوأ حالة وأبشع صورة، قضاة يحكمون بما لم يُنزل الله ومحامون يغيرون مجرى قضايا وضعها أصحابها أمانة في أعناقهم فخانوها عند أقرب سوق للقات!.. مديرات مدارس يستوطن مدارس الدولة ويحولنها إلى محميات بشرية شائكة يمارس فيها أنشطة تجارية رخيصة القيمة والمضمون في استغلال واضح للطالبات الأشد فقراً والأقل إدراكاً لحقيقة هؤلاء النساء القائمات على أمانة التعليم.. تجار استغلوا ولا زالوا يستغلون حاجة الناس للغذاء والدواء والوقود ويرفعون مؤشر الأسعار الخاص بالسلع الاستهلاكية إلى أعلى حدود الاستغلالية، آباء وأمهات يضيعون أبنائهم من بين أيديهم ويتنصلون من مسؤولية التربية تحت مسميات شخصية واعتبارات اجتماعية لا قيمة لها.. أعمام وعمات، أخوال وخالات يفرطون في صلة القربى بمنتهى السهولة وكأن علاقة الرحم علاقة عابرة لا تمر عبر عروق الجسد ولا تقف على مساحة الروح ولا تتنفس هواء الانتماء، أبناء تقسو قلوبهم حد قتل آبائهم وأزواجهم وذرياتهم.. فأين ذهبت الرحمة؟! أين اختفى الضمير؟! أين ولى حسن الخلق؟!.. هذا ما أتساءل عنه دائماً، هل يُصلح الله شأن هذه الأمة وهي لم تصلح ما بنفسها؟! لا والله لن يصلح حالنا إلا إذا غيرنا ما بأنفسنا وهذا منهج تربوي وتشريعي جاء به القرآن في غاية الوضوح والسلاسة والقوة (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءاً فلا مرد له) صدق الله العظيم الرعد آية (11).
لهذا نقول آن الأوان ليرفع الشعب شعار (الشعب يريد أن يحيا من جديد)، الشعب يريد أن يصلح نفسه أولاً، الشعب يريد أن يكون محمدياً قولاً وفعلاً، بالله عليكم ماذا سنقول لهذا المعلم العظيم يوم نلقى الله؟!!.
ألطاف الأهدل
متى يصلُح حال هذا الشعب؟ 1936