أطفال وشباب اليمن محرومون من كل جميل ومفيد وشيق يدخل على أنفسهم البهجة والفرح والسرور، فحدائقنا خارج المدن وكأنها سجون أو معتقلات سياسية، ومكتباتنا العامة شحيحة ولا وجود لها البتة ومراكز النت أو المقاهي الالكترونية تقتصر على إظهار الوجه البشع لثورة التكنولوجيا، لتقتصر على جلسات الشات أو بيع وشراء المقاطع الإباحية سراً وجهراً إذا لزم الأمر، ونوادينا الصحية باهظة الثمن ولا تخلوا من خلل أخلاقي حالها حال نوادي صحية ورياضية كثيرة حول العالم وكأن الجمال واللياقة والأناقة باب للرذيلة ولا حول ولا قوة إلا بالله.
قبل أيام مضت مر من أمام منزلي موكب فرح جميل وهادئ وكانت الدراجات النارية تحيط بسيارة العروسين من كل جانب، فتبادر إلى ذهني فكرة إقامة ماراثون للدراجات النارية في تعز، كون عددها الآن يسمح بإجراء مثل هذا الحدث الرياضي، ورويداً رويداً بدأت أقتنع بالفكرة وأحاول أن أستوعبها ووجدت أنه لا من العيب ولا حرمة الدين أن يحدث مثل هذا النشاط الرياضي الذي سيدخل الشباب في تحديات إيجابية مع أنفسهم ومحيطهم الاجتماعي الأكثر قسوة وجفافاً من محيطات اجتماعية حتى لو عانت من الفقر كمجتمعنا، إلا أنها قد لا تعاني من فقر الطبيعة بمناظرها الخلابة وطقسها البديع أو طعامها اللذيذ المنخفض الثمن أو بيئتها الاجتماعية الأقل تعقيداً.
نعم، ما الضرر الذي سيحدثه تخصيص يوم من كل عام لإقامة حدث رياضي تستقبله تعز برحابة صدر كعادة هذه المدنية التي تستقبل مواكب الحزن والفرح بصدرها الرحب وقلبها الكبير؟، وحين يتم الإعلان عن هذا الحدث في عطلة نهاية العام الدراسي يتم تجهيز شوارع المدينة بجعلها متاحة لمرور هذا المواكب الرياضي الذي سيدخل الفرحة على قلوب أصحاب الـ"قعشات"، الذين يراهم الناس مجرد "بلاطجة"، بالرغم من أن غالبيتهم العظمى "يأكل عيش" والسلام.
تكريم الفائزين سيمنح الآخرين حافزاً قوياً للاشتراك والفوز في مرة قادمة.. هل هذا كثير على هؤلاء الشباب الذين صنعت الشمس من جلودهم رقاع برونزية مترهلة ومبقعة بالعناء والتعب؟! لا أعتقد أنه كثير على كثير ممن جعلوا حياتهم أيام الثورة العاصفة ورقة جافة في مهب الريح، حيث كانوا يشكلون فريق إسعاف متميز وواجه بعضهم الموت حين جازف بالدخول إلى مواقع الأحداث ليوقف نزيف آخرين، فوجد نفسه ينزف حتى الموت، رأيت أحدهم مرة وقد أصبح لديه نصف وجه بعد أن أكلت نيران المحرقة نصف وجهه الآخر.
والآن هل نصبح أكثر حضارة ورقياً ونحاول إيجاد مخارج عملية وسريعة ومعقولة لتحسين مستوى الشباب الصحي والرياضي والثقافي والحد من التعامل مع الحضارة والمدنية والتكنولوجيا وكأنها المنقذ الذي جاء ليفكك أربطة أخلاقية ودينية، عانى من وجودها أصحاب الأنفس المريضة وأثبت العلم الحديث في نهاية المطاف أن التشريع الإسلامي هو الحل لأمراض الحضارة التي لا حصر لها ولا عدد.
ألطاف الأهدل
ماراثون الدراجات في تعز!! 2253