لابد أن يتغير هذا الشعب ولو اضطرت الحكومة إلى فرض عقوبات وغرامات وإجراءات صارمة بحق كل من يخالف منظومة من القوانين الجديدة التي يجب أن يجتهد أصحاب الاختصاص في وضعها سريعاً، بهدف تحقيق نوع من الرقي الاجتماعي والسلوكي والثقافي، ابتداءً من فرد يعي مسؤولياته إلى جماعة تلتزم بقواعد بناء مجتمع حضاري بكل المقاييس.
لابد من وجود رقابة رفيعة المستوى تلغي وجود تلك التصرفات والسلوكيات القاصرة التي تسيء للفرد والجماعة وتعطي شعوب العالم الراقي أسوأ صورة يمكن أن تلتقطها عدسة سائح يعبر الطريق مشياً على القدمين، بحثاً عن زاوية تاريخية عبقة بنكهة التراث، مشغول يدوي يثير الإحساس بالفتنة والشموخ، منتج وطني يحكي عوالم الإنسان والأرض والطقس في بعض المواد الخام.. ومع هذا لا تلتقط عدسة السائح إلا صوراً للفقراء، بل البشر الأكثر فقراً وعرياً وجوعاً وإتكالية على القدر، صور بائسة، جاحدة لخيرات الأرض، مستفزة لكرامة الإنسان اليمني وتبعث في النفس مشاعر الحزن والحسرة والألم من واقع يأبى أن يحتكم للمنطق والجمال والأناقة.
من منا لا تزعجه تلك السلوكيات البشعة والأخلاقيات الوضيعة التي يستغل فيها الكبار الصغار مادياً وجسدياً وحسياً؟! من منا لا يحزن حين يرى استهتار ولا مبالاة هذا الشعب بمنجزاته ومنشآته وحضارته وتراثه؟!.. الكل يلقي المخلفات على الأرصفة، الكل يبصق القات عليها، الكل يستخدم أسوأ الألفاظ والإيماءات عند مرور الأنثى، الكل يرضى بوجود تلك الفئة الشاذة التي تستغل الأطفال جنسياً ولو لم يكن الكل راضياً، فلماذا الصمت إذاً؟! لماذا تبقى القوانين الاجتماعية جامدة ولماذا لا يتم تجديد تلك القوانين لتحقيق مصلحة المجتمع؟! لماذا لا يبدأ أصحاب القرار بفرض تلك المنظومة القانونية الأخلاقية اليوم حتى نبني جيلاً جديداً صادقاً ومخلصاً لوطنه وانتمائه، ومجتهداً في تقديم نفسه للآخرين كأفضل ما يكون؟!.. لازال الناس عندنا يرهبون استخدام حزام الأمان ويرون أنفسهم تعدو مرحلة "ربط الأحزمة"، لازالوا ينفثون دخان السجارة داخل الحافلات العامة بمنتهى الجرأة في ظل وجود أطفال ونساء يعانين من نظرة مجتمع مستخفة بهذا الكيان الجميل والرقيق.
إذا أردنا فعلاً أن نشعر بثمار الثورة التي صنعتها أيدينا يجب أن ندعو لقيام مجتمع حضاري نظيف يؤمن بالغد ويقدر إمكانيات اليوم ويحترم إنجازات الأمس ولديه عزيمة قوية ورغبة في التغيير، ولأن التغيير يتطلب الحذف والشطب وتبديل الأماكن والمهام وتعديل مستوى القدرات والكفاءات، فيجب إذاً أن تخضع لكل تلك العمليات الإجرائية الناجحة التي تضمن لنا الظهور بـ"نيولوك" يمني جديد ومتفرد تماماً كتفردنا بالعقيق والبن و المدرجات الزراعية.
الوطن بحاجة إلى إنسان جديد تماماً لا يشبه إنسان المرحلة السابقة الذي كان يرضى بالرشوة ويرضخ للفساد ويؤمن بالفوضى ويعتنق اللامبالاة.
ألطاف الأهدل
الحكومة تريد شعباً جديداً 1882