على طول شواطئ ساحلنا البحري تستلقي خيرات البحر متثائبة كسولة كحورية بحرية ملت النوم تحت الماء سنين طويلة، شواطئ الوطن اليمني غنية بالعذوبة وناطقة بالجمال ولكنها تفتقد ليد فنان يبرز جمال تفاصيلها ويظهر للعيان خيراتها.
حركة الصيد المشلولة في بعض الشواطئ بسبب عدم الالتفات لمطالب الصيادين تعود بخسائر كبيرة على النشاط الاقتصادي البحري في اليمن، وأضف إلى ذلك موجة الاستثمار التي منحت المستثمرين امتيازات جغرافية ومالية كبيرة جداً، متسببة في صنع أزمة خانقة حاصرت نشاط الصيادين ودفعت بالبعض منهم إلى تغيير نشاطه البحري والتحول من مصدّر "بتشديد الدال" إلى مستهلك محلي لا أكثر ولا أقل.
حركة البطالة البحرية هذه أدت أيضاً إلى انحسار مد السياحة الداخلية، باستثناء المستفيدين من وجودهم المباشر في تلك المنطقة، كون تلك الشواطئ أصبحت مهجورة تقريباً من الخدمات السياحية البسيطة بعد إخضاعها لعقوبة الاستيطان الاستثماري الجائر، فحتى شواطئ الوطن ومساحاته المائية لم تسلم من أولئك الذين باعوا الوطن بجباله وأوديته وشواطئه وكأنه كان ملكية خاصة بهم منفردين به بين الناس، يا لهذا الوطن الذي اشتراه أبناؤه عزيزاً وباعه آخرون ذليلاً كما يباع العبيد في أسواق النخاسة.
شواطئ الوطن تعاني الاحتضار الإنتاجي الذي يسبق المنية الاقتصادية، خاصة بعد أن استخدمه أصحاب القرار خلال عاصفة السياسة الماضية لأغراض حربية وشخصية ولا إنسانية، أسهمت في تدهور الوضع والحكم على بعض أجزائه بالشلل المؤقت لأجل غير معلوم، لكنني لا أعتقد أن حكومتنا التوافقية ستكون عاجزة عن إعادة الاعتبار لتلك الشواطئ الخلابة كمكتسبات اقتصادية وسياحية وسياسية أيضاً، خاصة في ظل مطالبة مستمرة بالانفصال ومحاولة استغلال بؤرة الخلاف السياسي لتحقيق الاستقلال التجاري والاقتصادي وفرض حصار مالي قوي جداً على باقي مساحات الوطن التي لا تنام على شواطئ البحر ولا تغفو على أصواب نوارسه البيضاء.
ومن المفترض إذاً أن يكون البرنامج الاقتصادي الخاص بإعادة ترميم الإنتاج البحري برنامجاً قوياً وشاملاً ومتأقلماً مع متطلبات المرحلة وغير مجحف في حقوق الصيادين، تلك الشريحة التي لم تجد الدعم الكافي والرعاية اللازمة من قبل أصحاب النفوذ السياسي أو المتنفذين السياسيين الذين يتعاملون مع الوطن كسمكة ضخمة قذفها الموج إلى الساحل، فباتت غنيمتهم التي طالما انتظروها.
تُرى متى يتوقف مد السياسة عن الوصول إلى مكتسبات الشعوب ويقف جزرها عند حد الأطماع الحزبية؟!.
ألطاف الأهدل
شواطئ الوطن بين مد السياسة وجزرها!! 1905