نفتقد في وطننا اليمني لدُور نشر علمية تُبقي أصحاب الاهتمام والميول العلمي على اطلاع مستمر بآخر تلك الدراسات والأبحاث والأطروحات العلمية التي خرجت من عقول يمنية عاشقة للعلم ومستميتة في إثبات صحة نظرياته المتطورة.
نشعر بالجوع الفكري ونعطش للحصول على معلومات بيئية واجتماعية، جغرافية وتاريخية تخص بنية المجتمع اليمني، الطبيعية والبشرية والتي تستعرض مشاكل وهموم وتطلعات ومميزات مجتمعنا من زوايا قد لا ندركها بعيننا المجردة.
والسؤال: أين هي دور النشر العلمية الخاصة أو الحكومة التي تدعم أولئك الباحثين والعلماء بنشر جهودهم المبذولة والهادفة لتطوير العقلية اليمنية وتغيير مسارها القبلي؟! وأين تكمن مشكلة عدم وجود تلك الدور؟! وهل يعني ذلك عدم وجود علماء وباحثين يمنيين متميزين وقادرين على الإبداع والاختراع؟.
قد يكون عدم تركيز الدولة على البحث العلمي وتخصيص ميزانية تستوعب العاملين فيه من أهم المعوقات التي تقف في طريق الباحث أو العالم اليمني الذي يجد نفسه ضحية لسياسة تثقل الأدمغة وتصادر مستحقات التعليم الحُر المبني على التجربة والإثبات والبرهنة العلمية، إضافة إلى شحة فُرص تبني تلك البحوث من قبل المؤسسات الخاصة، وتقف المشكلة التكافلية والإنسانية عائقاً كبيراً أيضاً في طريق هؤلاء، حيث لا يؤمن البعض بقدرات وذكاء وإبداع العالم أو الباحث أو المخترع اليمني الذي تسببت ظروف الوطن الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في وضعه موضع الريبة والشك وتقليل القدرات على حساب إعلاء لغة البندقية بدلاً من تمجيد لغة القلم والتلويح بالقبلية بدلاً من إعلاء راية المدنية.. ومن هنا تندر أو تنعدم فكرة النشر العلمي والتمكين له ضمن الكتاب المدرسي والبرنامج الإعلامي المقروء والمسموع والفكرة التوعوية الشاملة والدعم المادي والمعنوي في جوائز تخصصها الدولة لمثل هؤلاء المبدعين علمياً.
ولهذا تنعدم أيضاً مسألة التميز الفردي وتموت قضية السبق العلمي المدعم بالأدلة وتذوب إمكانيات هؤلاء الخاصة في بوتقة العامة والهمل من الناس.. والآن هل نأمل بالعكس مما سبق في ظل دولة جديدة تطمح للانتشار الفكري والتميز الإنساني والرقي العلمي وحكومة فريدة تسهل صعوبات ومعوقات قديمة تقف في طريق مبدعين لم يكن ذنبهم سوى أن لهم أدمغة تساوي وزنها ذهباً خالصاً؟! هل تكون هناك دور نشر حكومية تعرف القارئ اليمني بالباحث أو العالم المحلي بأزهد ثمن عن طريق منشورات أو مطبوعات مواكبة لتطور العلم وفق نتائج يصل إليها عالمنا وباحثنا اليمني بعد جهود مضنية ومعاناة مميتة لقلة أدوات البحث مادياً ومعنوياً؟! هل آن الأوان في ظل رياح التغيير هذه أن يحصل العالم على حقه في النجاح والتميز والظهور والانتشار؟! هل هناك أمل في أن تعم اليقظة الثورية وينتهي هذا السُبات المعرفي الذي نامت فيه أفكار هؤلاء في أدراج القادة وصناع القرار؟!..
ألطاف الأهدل
دُور النشر العلمية وسُبات الشتاء الفكري! 2142